" حاضر لباد؟ " قال لا يكون له سمسارا متفق عليه، وعن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " رواه مسلم وابن عمر وأبو هريرة وأنس والمعنى في ذلك أنه متى ترك البدوي يبيع سلعته اشتراها الناس برخص ويسع عليهم السعر فإذا تولى الحاضر بيعها وامتنع من بيعها الا بسعر البلد ضاق على أهل البلد وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في تعليله إلى هذا المعنى، وممن كره بيع الحاضر للبادي طلحة بن عبيد الله وابن عمر وأبو هريرة وأنس وعمر بن عبد العزيز ومالك والليث والشافعي ونقل أبو إسحاق بن شاقلا في جملة سماعاته ان الحسن ابن علي المصري سأل احمد عن بيع حاضر لباد فقال لا بأس به فقال له فالخبر الذي جاء بالنهي قال كان ذلك مرة، فظاهر هذا صحة البيع وان النهي اختص بأول الاسلام لما كان عليهم من الضيق في ذلك وهذا قول مجاهد وأبي حنيفة وأصحابه والمذهب الأول لعموم النهي وما يثبت في حقهم يثبت في حقنا ما لم يقم على اختصاصهم به دليل وظاهر كلام الخرقي أنه يحرم بثلاث شروط (أحدها) أن يكون الحاضر قصد البادي ليتولى البيع له (والثاني) أن يكون البادي جاهلا بالسعر لقوله فيعرفه السعر ولا يكون التعريف الا لجاهل وقد قال أحمد في رواية أبي طالب إذا كان البادي عارفا بالسعر لم يحرم (الثالث) أن يكون قد جلب السلع للبيع لقوله وقد جلب السلع والجالب هو الذي يأتي بالسلع ليبيعها وذكر القاضي شرطين آخرين (أحدهما) أن يكون مريدا لبيعها بسعر يومها (والثاني) أن يكون بالناس حاجة إلى متاعه وضيق في تأخير بيعه، وقال أصحاب الشافعي إنما يحرم بشروط أربعة وهي ما ذكرنا الا حاجة الناس إلى متاعه، فمتى اختل منها شرط لم يحرم البيع، وان اجتمعت هذه الشروط فالبيع حرام وقد صرح الخرقي ببطلانه ونص عليه أحمد في روية إسماعيل بن سعيد قال سألت أحمد عن الرجل الحضري يبيع للبدوي فقال أكره ذلك وأرد البيع في ذلك وعن أحمد رواية أخرى ان البيع صحيح وهو مذهب الشافعي لكون النهي لمعنى في غير المنهى عنه. ولنا انه منهي عنه والنهي يقتضي فساد المنهي عنه (فصل) فاما الشراء لهم فيصح عند أحمد وهو قول الحسن، وكرهت طائفة الشراء لهم كما كرهت البيع يروى عن أنس قال: كان يقال هي كلمة جامعة يقول لا تبيعن له شيئا ولا تبتاعن له شيئا، وعن مالك في ذلك روايتان، ووجه القول الأول ان النهي غير متناول للشراء بلفظه ولا هو في معناه فإن النهي عن البيع للرفق بأهل الحضر ليتسع عليهم السعر ويزول عنهم الضرر وليس ذلك في الشراء لهم إذ لا يتضررون لعدم الغبن للبادين بل هو دفع الضرر عنهم والخلق في نظر الشارع على السواء فكما شرع ما يدفع الضرر عن أهل الحضر لا يلزم أن يلزم أهل البدو الضرر، وأما ان أشار الحاضر على البادي من غير أن يباشر البيع له فقد رخص فيه طلحة بن عبيد الله والأوزاعي وابن المنذر وكرهه مالك والليث وقول الصابي حجة ما لم يثبت خلافه (فصل) قال ابن حامد ليس للإمام أن يسعر على الناس بل يبيع الناس أموالهم على ما يختارون وهذا مذهب الشافعي، وكان مالك يقول يقال لمن يريد أن يبيع أقل مما يبيع الناس به بع كما يبيع الناس
(٢٨٠)