على ثلاث وسبعين فرقة " أي بالأقوال والاعتقادات. قلنا هذا باطل لوجوه (منها) ان اللفظ لا يحتمل ما قالوه إذ ليس بين المتبايعين تفرق بلفظ ولا اعتقاد إنما بينهما اتفاق على الثمن والمبيع بعد الاختلاف فيه (الثاني) ان هذا يبطل فائدة الحديث إذ قد علم أنهما بالخيار قبل العقد في إنشائه وإتمامه أو تركه (الثالث) أنه قال في الحديث " إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار " فجعل لهما الخيار بعد تبايعهما وقال " وان تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك أحدهما البيع فقد وجب البيع " (الرابع) انه يرده تفسير ابن عمر للحديث بفعله فإنه كان إذا بايع رجلا مشى خطوات ليلزم البيع وتفسير أبى برزة له بقوله على مثل قولنا وهما راويا الحديث وأعلم بمعناه. وقول عمر البيع صفقة أو خيار معناه ان البيع ينقسم إلى بيع شرط فيه الخيار وبيع لم يشترط فيه سماه صفقة لقصر مدة الخيار فيه فإنه قد روى عنه أبو إسحاق الجوزجاني مثل مذهبنا ولو أراد ما قالوه لم يجر أن يعارض به قول النبي صلى الله عليه وسلم فلا حجة في قول أحد مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان عمر إذا بلغه قول النبي صلى الله عليه وسلم رجع عن قوله فكيف يعارض قوله بقوله؟ على أن قول عمر ليس بحجة إذا خالفه بعض الصحابة وقد خالفه ابنه وأبو برزة وغيرهما، ولا يصح قياس البيع على النكاح لأن النكاح لا يقع غالبا إلا بعد روية ونظر وتمكث فلا يحتاج إلى الخيار بعده ولان في ثبوت الخيار فيه مضرة لما يلزم من رد المرأة بعد ابتذالها بالعقد وذهاب حرمتها بالرد وإلحاقها بالسلع المبيعة فلم يثبت فيه خيار لذلك ولهذا لم يثبت فيه خيار الشرط ولا خيار الرؤية والحكم في هذه المسألة ظاهر لظهور دليله ووهاء ما ذكره المخالف في مقابلته والله أعلم (الفصل الثاني) ان البيع يلزم بتفرقهما لدلالة الحديث عليه ولا خلاف في لزومه بعد التفرق والمرجع في التفرق إلى عرف الناس وعادتهم فيما يعدونه تفرقا لأن الشارع علق عليه حكما ولم بينه فدل ذلك على أنه أراد ما يعرفه الناس كالقبض والاحراز، فإن كانا في فضاء واسع كالمسجد الكبير والصحراء
(٧)