{مسألة} قال أبو القاسم رحمه الله (وكل ما ضبط بصفة فالسلم فيه جائز) وجملة ذلك أن السلم لا يصح الا بشروط ستة (أحدهما) أن يكون المسلم فيه مما ينضبط بالصفات التي يختلف الثمن باختلافها ظاهرا فيصح في الحبوب والثمار والدقيق والثياب والإبريسم والقطن والكتان والصوف والشعر والكاغد والحديد والرصاص والصفر والنحاس والأدوية والطيب والخلول والادهان والشحوم والألبان والزئبق والشب والكبريت والكحل وكل مكيل أو موزون أو مزروع، وقد جاء الحديث في الثمار وحديث ابن أبي أوفى في الحنطة والشعير والزبيب والزيت، وأجمع أهل العلم على أن السلم في الطعام جائز قاله ابن المنذر وأجمعوا على جواز السلم في الثياب، ولا يصح السلم فيما لا ينضبط بالصفة كالجوهر من اللؤلؤ والياقوت والفيروذج والزبرجد والعقيق والبلور لأن أثمانها تختلف اختلافا متباينا بالصغر والكبر وحسن التدوير وزيادة ضوئها وصفائها، ولا يمكن تقديرها ببيض العصفور ونحوه لأن ذلك يختلف ولا بشئ معين لأن ذلك يتلف، وهذا قول الشافعي وأصحاب الرأي، وحكى عن مالك صحة السلم فيها إذا اشترط منها شيئا معلوما وإن كان وزنا فبوزن معروف، والذي قلناه أولى لما ذكرنا ولا يصح فيما يجمع اخلاطا مقصودة غير متميزة كالغالية والند والمعاجين التي يتداوى بها للجهل بها، ولا في الحوامل من الحيوان لأن الولد مجهول غير متحقق، ولا في الأواني المختلفة الرؤوس والأوساط لأن الصفة لا تأتي عليه وفيه وجه آخر أنه يصح السلم فيه إذا ضبط بارتفاع حائطه ودور أعلاه وأسفله لأن التفاوت في ذلك يسير، ولا يصح في القسي المشتملة على الخشب والقرن والعضب والتوز إذ لا يمكن ضبط مقادير ذلك وتمييز ما فيه منها وقيل يجوز السلم فيها، والأولى ما ذكرنا، قال القاضي والذي يجمع أخلاطا على أربعة أضرب (أحدها) مختلط مقصود متميز كالثياب المنسوجة من قطن وكتان أو قطن وإبريسم فيصح السلم فيها لأن ضبطها ممكن (الثاني) ما خلطه لمصلحته وليس بمقصود في نفسه كالإنفحة في الجبن والملح في العجين والخبز والماء في خل التمر والزبيب فيصح السلم فيه. لأنه يسير لمصلحته (الثالث) أخلاط مقصودة غير متميزة كالغالية والند والمعاجين فلا يصح السلم فيها لأن الصفة لا تأتي عليها (الرابع) ما خلطه غير مقصود ولا مصلحة فيه كاللبن المشوب بالماء فلا يصح السلم فيه.
(٣١٣)