الا بالشرط فلا يثبت مع الجهل كالخيار (والرواية الثانية) أنه يبرأ من كل عيب لم يعلمه ولا يبرأ من عيب علمه، ويروي ذلك عن عثمان ونحوه عن زيد بن ثابت وهو قول مالك وقول الشافعي في الحيوان خاصة لما روي أن عبد الله بن عمر باع زيد بن ثابت عبدا بشرط البراءة من العيب بثمانمائة درهم فأصاب به زيد عيبا فأراد رده على ابن عمر فلم يقبله فترافعا إلى عثمان؟ فقال عثمان لابن عمر: تحلف أنك لم تعلم بهذا العيب؟ فقال لا فرده عليه فباعه ابن عمر بألف درهم وهذه قضية اشتهرت فلم تنكر فكانت اجماعا وروي عن أحمد أنه أجاز البراءة من المجهول فيخرج من هذا صحة البراءة من كل عيب. روي هذا عن ابن عمر وهو قول أصحاب الرأي وقول الشافعي لما روت أم سلمة ان رجلين اختصما في مواريث درست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استهما وتوخيا، وليحلل كل واحد منكما صاحبه " فدل هذا على أن البراءة من المجهول جائزة، ولأنه إسقاط حق لا تسليم فيه فصح من المجهول كالعتاق والطلاق، ولا فرق بين الحيوان وغيره فما ثبت في أحدهما ثبت في الآخر، وقول عثمان قد خالفه ابن عمر، وقول الصحابي المخالف لا يبقى حجة (فصل) فإن قلنا لا يصح شرط البراء من العيوب فشرطه لم يفسد البيع في ظاهر المذهب وهو وجه لأصحاب الشافعي لأن ابن عمر باع بشرط البراءة فأجمعوا على صحته ولم ينكره فعلى هذا لا يمنع الرد بوجود الشرط ويكون وجوده كعدمه، وعن أحمد في الشروط الفاسدة روايتان (أحداهما) أنها تفسد العقد فيدخل فيها هذا البيع لأن البائع إنما رضي بهذا الثمن عوضا عنه بهذا الشرط، فإذا فسد الشرط فات الرضى به فيفسد البيع لعدم التراضي به {مسألة} قال (ومن باع شيئا مرابحة فعلم أنه زاد في رأس ماله رجع عليه بالزيادة وحطها من الربح) معنى بيع المرابحة وهو البيع برأس المال وربح معلوم، ويشترط علمهما برأس المال فيقول رأس مالي فيه أو هو علي بمائة بعتك بها وربح عشرة فهذا جائز لا خلاف في صحته ولا نعلم فيه عند أحد كراهة وإن قال بعتك برأس مالي فيه وهو مائة وأربح في كل عشرة درهما أو قال ده يازده أو ده دوازده فقد كرهه أحمد وقد رويت كراهته عن ابن عمر وابن عباس ومسروق والحسن وعكرمة وسعيد بن حبير وعطاء بن يسار، وقال إسحاق لا يجوز لأن الثمن مجهول حال العقد فلم يجز كما لو باعه بما يخرج به في الحساب ورخص فيه سعيد بن المسيب وابن سيرين وشريح والنخعي والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر، ولان رأس المال معلوم والربح معلوم فأشبه ما لو قال وربح عشرة دراهم، ووجه الكراهة أن ابن عمر وابن عباس كرهاه ولم نعلم لهما في الصحابة مخالفا، ولان فيه نوعا من الجهالة والتحرز عنها أولى وهذه كراهة تنزيه والبيع صحيح لما ذكرنا والجهالة يمكن إزالتها بالحساب فلم تضر كما لو باعه صبرة كل قفيز بدرهم، وأما ما يخرج به في الحساب فمجهول في الجملة والتفصيل
(٢٥٩)