جاز لأن الأصل حل البيع، وإنما حرم في مسألة العينة بالأثر الوارد فيه وليس هذا في معناه ولان التوسل بذلك أكثر فلا يلتحق به ما دونه والله أعلم (فصل) وفي كل موضع قلنا لا يجوز له ان يشتري. لا يجوز ذلك لوكيله لأنه قائم مقامه ويجوز غيره من الناس سواء كان أباه أو ابنه أو غيرهما لأنه غير البائع ويشتري لنفسه فأشبه الأجنبي (فصل) ومن باع طعاما إلى اجل، فلما حل الاجل اخذ منه بالثمن الذي في ذمته طعاما قبل قبضه لم يجز، روى ذلك عن ابن عمر وسعيد بن المسيب وطاوس وبه قال مالك وإسحاق واجازه جابر بن زيد وسعيد بن جبير وعلي بن حسين والشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي، فقال علي بن حسين إذا لم يكن لك في ذلك رأي، وروي عن محمد بن عبد الله ابن أبي مريم أنه قال: بعت تمرا من التمارين كل سبعة آصع بدرهم ثم وجدت عند رجل منهم تمرا يبيعه أربعة آصع بدرهم فاشتريت منه فسألت عكرمة عن ذلك فقال لا بأس أخذت أنقص مما بعت، ثم سألت سعيد بن المسيب عن ذلك وأخبرته بقول عكرمة فقال كذب، قال عبد الله بن عباس ما بعت من شئ مما يكال بمكيال فلا تأخذ منه شيئا مما يكال بمكيال إلا ورقا أو ذهبا فإذا أخذت ورقك فابتع ممن شئت منه أو من غيره فرجعت فإذا عكرمة قد طلبني فقال: الذي قلت لك هو حلال هو حرام، فقلت لسعيد بن المسيب: إن فضل لي عنده فضل؟ قال فأعطه أنت الكسر وخذ منه الدرهم. ووجه ذلك أنه ذريعة إلى بيع الطعام بالطعام نسيئة فحرم كمسألة العينة، فعلى هذا كل شيئين حرم النساء فيهما لا يجوز أن يأخذ أحدهما عوضا عن الآخر قبل قبض ثمنه إذا كان البيع نساء نص أحمد على ما يدل على هذا، وكذلك قال سعيد بن المسيب فيما حكينا عنه، والذي يقوي عندي جواز ذلك إذا لم يفعله حيلة ولا قصد ذلك في ابتداء العقد كما قال علي بن الحسين فيما يروي عنه عبد الله بن زيد قال: قدمت على علي بن الحسين فقلت له أني أجذ نخلي وأبيع ممن حضرني التمر إلى أجل فيقدمون بالحنطة وقد حل ذلك الاجل فيوقفونها بالسوق فأبتاع منهم وأقاصهم؟ قال لا بأس بذلك إذا لم يكن منك على رأي، وذلك لأنه اشترى الطعام بالدراهم التي في الذمة بعد انبرام العقد الأول ولزومه فصح كما لو كان المبيع الأول حيوانا أو ثيابا، ولما ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا فإنه لم يأخذ بالثمن طعاما ولكن اشترى من المشتري طعاما بدراهم وسلمها إليه ثم أخذها منه وفاء أو لم يسلمها إليه لكن قاصه بها كما في حديث علي بن الحسين {مسألة} قال (ومن باع حيوانا أو غيره بالبراءة من كل عيب لم يبرأ سواء علم به البائع أو لم يعلم) اختلفت الرواية عن أحمد في البراءة من العيوب فروي عنه أنه لا يبرأ إلا أن يعلم المشتري بالعيب وهو قول الشافعي، وقال إبراهيم والحكم وحماد لا يبرأ إلا مما سمى، وقال شريح لا يبرأ إلا مما أراه أو وضع يده عليه، وروي نحو ذلك عن عطاء والحسن وإسحاق لأنه مرفق في البيع لا يثبت
(٢٥٨)