(فصل) وإذا كانت الثمرة للبائع مبقاة في شجر المشتري فاحتاجت إلى سقي لم يكن للمشتري منعه منه لأنه يبقى به فلزمه تمكينه منه كتركه على الأصول وان أراد سقيها من غير حاجة فللمشتري منعه منه لأنه بسقيه يتضمن التصرف في ملك غيره ولان الأصل منعه من التصرف في ملك غيره وإنما أباحته الحاجة فإن لم توجد الحاجة يبقى على أصل المنع، فإن احتاجت إلى السقي وفيه ضرر على الشجر أو احتاج الشجر إلى سقي يضر بالثمرة فقال القاضي أيهما طلب السقي لحاجته أجبر الآخر عليه لأنه دخل في العقد على ذلك فإن المشتري اقتضى عقده تبقية الثمرة والسقي من تبقيتها والعقد اقتضى تمكين المشتري من حفظ الأصول وتسليمها فلزم كل واحد منهما ما أوجبه العقد للآخر وان أضربه وإنما له أن يسقي بقدر حاجته، فإن اختلفا في قدر الحاجة رجع إلى أهل الخبرة وأيهما التمس السقي فالمؤنة عليه لأنه لحاجته (فصل) فإن خيف على الأصول الضرر بتبقية الثمرة عليها لعطش أو غيره والضرر يسير لم يجبر على قطعها لأنها مستحقة للبقاء فلم يجبر على أزالتها لدفع ضرر يسير عن غيره، وإن كان كثير فخيف على الأصول الجفاف أو نقص حملها ففيه وجهان (أحدهما) لا يجبر أيضا لذلك (الثاني) يجبر على القطع لأن الضرر يلحقها وان لم تقطع والأصول تسلم بالقطع فكان القطع أولى وللشافعي قولان كالوجهين (فصل) وإذا باع شجرا فيه ثمر للبائع فحدثت ثمرة أخرى أو اشترى ثمرة في شجرها فحدثت ثمرة أخرى فإن تميزتا فلكل واحد ثمرته وان لم تتميز إحداهما من الأخرى فهما شريكان فيهما كل واحد بقدر ثمرته، فإن لم يعلم قدر كل واحدة منهما اصطلحا عليها ولا يبطل العقد لأن المبيع لم يتعذر تسليمه وإنما اختلط بغيره فهو كما لو اشترى طعاما في مكان فانثال عليه طعام للبائع أو انثال هو على طعام للبائع ولم يعرف قدر كل واحد منهما ويفارق هذا ما لو اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها فتركها حتى بدا صلاحها أو اشترى عرية فتركها حتى أتمرت فإن العقد يبطل في إحدى الروايتين لكون
(١٩٦)