ظاهر كلام الخرقي ويحتمل أنه أراد الرواية الثالثة لأنه بيع عرض بعرض فحرم النساء بينهما كالجنسين من أموال الربا، قال القاضي فعلى هذا لو باع عرضا بعرض ومع أحدهما دراهم نقدا والدراهم نسيئة جاز وان كانت الدراهم نقدا والعروض نسيئة لم يجز لأنه يفضي إلى النسيئة في العروض وهذه الرواية ضعيفة جدا لأنه اثبات حكم يخالف الأصل بغير نص ولا اجماع ولا قياس صحيح فإن في المحل المجمع عليه أو المنصوص عليه أوصافا لها أثر في تحريم الفضل فلا يجوز حذفها عن درجة الاعتبار وما هذا سبيله لا يجوز اثبات الحكم فيه وان لم يخالف أصلا فكيف يثبت مع مخالفة الأصل في حل البيع؟ وأصح الروايات هي الأولى لموافقتها الأصل، والأحاديث المخالفة لها قال أبو عبد الله ليس فيها حديث يعتمد عليه ويعجبني ان يتوقاه وذكر له حديث ابن عباس وابن عمر في هذا فقال هما مرسلان وحديث سمرة يرويه الحسن عن سمرة قال الأثرم قال أبو عبد الله لا يصحح سماع الحسن من سمرة وحديث جابر قال أبو عبد الله هذا حجاج زاد فيه نساء وليث بن سعيد سمعه من أبي الزبير ولا يذكر فيه نساء وحجاج هذا هو حجاج بن أرطأة قال يعقوب بن شيبة هو واهي الحديث وهو صدوق.
وإن كان أحد المبيعين مما لا ربا فيه والآخر فيه ربا كالمكيل بالمعدود ففيه روايتان (أحدهما) يحرم النساء فيهما (والثانية) لا يحرم كما لو باع معدودا بمعدود من غير جنسه {مسألة} قال (ولا يباع شئ من الرطب بيابس من جنسه الا العرايا) أراد الرطب مما يجري فيه الربا كالرطب بالتمر والعنب بالزبيب واللبن بالجبن والحنطة المبلولة أو الرطبة باليابسة أو المقلية بالنيئة ونحو ذلك، وبه قال سعد بن أبي وقاص وسعيد بن المسيب والليث ومالك والشافعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمد، وقال ابن عبد البر جمهور علماء المسلمين على أن بيع الرطب بالتمر لا يجوز بحال من الأحوال، وقال أبو حنيفة يجوز ذلك لأنه لا يخلوا اما أن يكون من جنسه فيجوز لقوله عليه السلام " التمر بالتمر مثلا بمثل " أو من غير جنسه فيجوز لقوله عليه السلام " فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم " ولنا قوله عليه السلام " لا تبيعوا التمر بالتمر " وفي لفظ نهى عن بيع التمر بالتمر ورخص في العرية ان تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبا متفق عليه وعن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال " أينقص الرطب إذا يبس؟ " قالوا نعم فنهى عن ذلك رواه مالك وأبو داود والأثرم وابن ماجة ولفظ رواية الأثرم قال (فلا اذن) نهى وعلل بأنه ينقص إذا يبس وروى مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة. والمزابنة بيع الرطب بالتمر كيلا وبيع العنب بالزبيب كيلا ولأنه جنس فيه الربا بيع بعضه ببعض على وجه ينفرد أحدهما بالنقصان فلم يجز كبيع المقلية بالنيئة. ولا يلزم الحديث بالعتيق لأن التفاوت يسير قال الخطابي وقد تكلم بعض الناس في اسناد حديث سعد بن أبي وقاص في بيع الرطب بالتمر وقال زيد أبو عياش راويه ضعيف وليس الامر على ما توهمه وأبو عياش مولى بني زهرة معروف وقد ذكره مالك في الموطأ وهو لا يروي عن متروك الحديث (فصل) فأما بيع الرطب بالرطب والعنب بالعنب ونحوه من الرطب بمثله فيجوز مع التماثيل في قول أكثر أهل العلم، ومنع منه الشافعي فيما يبس فأما مالا ييس كالقثاء والخيار ونحوه فعلى قولين لأنه