تدليسا. وذكر الدارقطني الاختلاف فيه فقال رواه صالح عن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وأرسله معمر ومالك وعقيل ولم يذكروا أبا هريرة انتهى.
ويؤيده ما أخرجه الترمذي وابن ماجة والمؤلف عن عتاب بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم. وأخرج أيضا أبو داود والترمذي والنسائي والدارقطني عن عتاب قال ((أمر سول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل فتؤخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ صدقة النخل تمرا)) ومدار الحديث على سعيد بن المسيب عن عتاب وهو مرسل لأن عتابا مات قبل مولد ابن المسيب، وانفرد به عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سعيد وليس بالقوي. قاله ابن عبد البر.
وفي النيل قال أبو داود: سعيد لم يسمع من عتاب، وقال ابن قانع: لم يدركه، وقال المنذري: انقطاعه ظاهر لأن مولد سعيد في خلافة عمر ومات عتاب يوم مات أبو بكر وسبقه إلى ذلك ابن عبد البر. وقال ابن السكن: لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه غير هذا، وقد رواه الدارقطني بسند فيه الواقدي، فقال عن سعيد بن المسيب عن المسور بن مخرمة عن عتاب بن أسيد. وقال أبو حاتم: الصحيح عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عتابا، مرسل، وهذه رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري انتهى. لكن قال الزرقاني في شرح الموطأ: ودعوى الإرسال بمعنى الانقطاع مبني على قول الواقدي إن عتابا مات يوم مات أبو بكر الصديق، لكن ذكر ابن جرير الطبري أنه كان عاملا لعمر على مكة سنة إحدى وعشرين، وقد ولد سعيد لسنتين مضتا من خلافة عمر على الأصح، فسماعه من عتاب ممكن فلا انقطاع.
وأما عبد الرحمن بن إسحاق فصدوق احتج به مسلم وأصحاب السنن انتهى.
وأخرج أصحاب السنن عن سهل بن أبي حثمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) وأخرجه ابن حبان والحاكم وصححاه.
قال الحاكم: وله شاهد بإسناد متفق على صحته أن عمر بن الخطاب أمر به. ومن شواهده ما رواه ابن عبد البر عن جابر مرفوعا خففوا في الخرص الحديث وفيه ابن لهيعة وأخرجه أبو نعيم في الصحابة من طريق الصلت بن زبيد بن الصلت عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الخرص فقال أثبت لنا النصف وابق لهم النصف فإنهم يسرقون ولا تصل إليهم. وهذه الأحاديث كلها تدل على مشروعية الخرص في العنب والنخل وغيرهما من الفواكه مما يمكن ضبطه بالخرص، وكذا يدل على مشروعية الخرص في الزرع لعموم قوله إذا خرصتم، ولقوله أثبت لنا النصف.