حمله عليه (وجه) قول أبى يوسف ان الاقرار المبهم له جهة الصحة والفساد لأنه إن كان يصح بالحمل على الوصية والإرث يفسد بالحمل على البيع والغصب والقرض فلا يصح مع الشك مع ما ان الحمل في نفسه محتمل الوجود والعدم والشك من وجه واحد يمنع صحة الاقرار فمن وجهين أولى والله سبحانه وتعالى أعلم هذا إذا أقر للحمل (أما) إذا أقر بالحمل بان أقر بحمل جارية أو بحمل شاة لرجل صح أيضا لان حمل الجارية والشاة مما يحتمل الوجوب في الذمة بان أوصى له به مالك الجارية والشاة فاقر به والله سبحانه وتعالى أعلم (وأما) الذي يرجع إلى المقر به اما الاقرار بالعين والدين فشرط صحة الفراغ عن تعلق حق الغير فإن كان مشغولا بحق الغير لم يصح لان حق الغير معصوم محترم فلا يجوز ابطاله من غير رضاه فلا بد من معرفة وقت التعلق ومعرفة محل التعلق (أما) وقت التعلق فهو وقت مرض الموت فما دام المديون صحيحا فالدين في ذمته فإذا مرض مرض الموت يتعلق بتركته أي يتعين فيها ويتحول من الذمة إليها الا انه لا يعرف كون المرض مرض الموت الا بالموت فإذا اتصل به الموت تبين ان المرض كان مرض الموت من وقت وجوده فتبين ان التعلق يثبت من ذلك الوقت وبيان ذلك الوقت ببيان حكم اقرار المريض والصحيح وما يفترقان فيه وما يتصل به وما يستويان فيه فنقول وبالله التوفيق اقرار المريض في الأصل نوعان اقراره بالدين لغيره واقراره باستيفاء الدين من غيره (فأما) اقراره بالدين لغيره فلا يخلو من أحد وجهين (اما) ان أقر به لأجنبي أو لوارث فان أقر به لوارث فلا يصح الا بإجازة الباقين عندنا وعند الشافعي يصح (وجه) قول الشافعي رحمه الله ان جهة الصحة للاقرار هي رجحان جانب الصدق على جانب الكذب وهذا في الوارث مثل ما في الأجنبي ثم يقبل الاقرار الأجنبي كذا الوارث (ولنا) ما روى عن سيدنا عمر وابنه سيدنا عبد الله رضي الله عنهما انهما قالا إذا أقر المريض لوارثه لم يجز وإذا أقر لأجنبي جاز ولم يرو عن غيرهما خلاف ذلك فيكون اجماعا ولأنه متهم في هذا الاقرار لجواز انه آثر بعض الورثة على بعض بميل الطبع أو بقضاء حق موجب للبعث على الاحسان وهو لا يملك ذلك بطريق التبرع والوصية به فأراد تنفيذ غرضه بصورة الاقرار من غير أن يكون للوارث عليه دين فكان متهما في اقراره فيرد ولأنه لما مرض مرض الموت فقد تعلق حق الورثة بماله ولهذا لا يملك ان يتبرع عليه بشئ من الثلث مع ما انه خالص ملكه لا حق لأجنبي فيه فكان اقراره للبعض ابطالا لحق الباقين فلا يصح في حقهم ولان الوصية لم تجز لوارث فالاقرار أولى لأنه لو جاز الاقرار لارتفع بطلان الوصية لأنه يميل إلى الاقرار اختيار الايثار بل هو أولى من الوصية لأنه لا يذهب بالوصية الا الثلث وبالاقرار يذهب جميع المال فكان ابطال الاقرار ابطال الوصية بالطريق الأولى ويصح اقرار الصحيح لوارث لان ما ذكرنا من الموانع منعدمة في اقراره هذا إذا أقر لوارث فان أقر لأجنبي فإن لم يكن عليه دين ظاهر معلوم في حالة الصحة يصح اقراره من جميع التركة استحسانا والقياس ان لا يصح الا في الثلث (وجه) القياس ان حق الورثة بما زاد على الثلث متعلق ولهذا لم يملك التبرع بما زاد على الثلث لكنا تركنا القياس بالأثر وهو ما روى عن ابن سيدنا عمر رضى الله تعالى عنهما أنه قال إذا أقر المريض بدين لأجنبي جاز ذلك من جميع تركته ولم يعرف له فيه من الصحابة رضى الله تعالى عنهم مخالف فيكون اجماعا ولأنه في الاقرار للأجنبي غير متهم فيصح ويصح اقرار الصحيح للأجنبي من جميع المال لانعدام تعلق حق الورثة بماله في حالة الصحة بل الدين في الذمة وإنما يتعلق بالتركة حالة المرض وكذا لو أقر الصحيح بديون لأناس كثيرة متفرقة بان أقر بدين جاز عليه كله لان حال الصحة حال الاطلاق لوجود الموجب للاطلاق وإنما الامتناع لعارض تعلق حق الورثة أو للتهمة وكل ذلك ههنا منعدم ويستوى فيه المتقدم والمتأخر لحصول الكل في حالة الاطلاق ولو أقر المريض بديون لأناس كثيرة متفرقة بان أقر بدين ثم بدين جاز ذلك كله واستوى فيه المتقدم والمتأخر استواء الكل في التعلق لاستوائهما في زمان التعلق وهو زمان المرض إذ زمن المرض مع امتداده بتجدد أمثاله حقيقة بمنزلة زمان واحد في الحكم فلا يتصور فيه التقدم والتأخر ولو أقر وهو مريض بدين ثم بعين بان أقر ان هذا الشئ الذي في يده وديعة لفلان فهما دينان ولا تقدم
(٢٢٤)