يبيع شيئا من مولاه فإن لم يكن عليه دين لا يتصور البيع من المولى لاستحالة بيع مال الانسان منه وإن كان عليه دين فان باعه بمثل قيمته أو أكثر جاز وان باعه بأقل من قيمته لم يجز عند أبي حنيفة أصلا وعندهما لا يجوز بقدر المحاباة وكذلك لو باع المولى شيئا منه فإن لم يكن عليه دين لم يكن بيعا لما قلنا وإن كان عليه دين فان باعه بمثل قيمته أو بأقل من قيمته جاز وان باعه بأكثر من قيمته لم يجز البيع عند أبي حنيفة وعندهما يجوز وتبطل الزيادة وعلى هذا إذا اشترى المولى دارا بجنب دار العبد ان لم يكن على العبد دين فالشفعة له لأنه إذا لم يكن عليه دين فالدار الذي في يد العبد خالص ملك المولى فلو أخذها بالشفعة لاخذها هو فكيف يأخذ ملك نفسه بالشفعة من نفسه وإن كان على العبد دين فله ان يأخذها بالشفعة ولو اشترى العبد دارا بجنب دار المولى فإن لم يكن على العبد دين فلا حاجة للمولى ان الاخذ بالشفعة لأنها خالص ملكه وإن كان عليه دين فله ان يأخذها بالشفعة وكذلك الصبي المأذون في الشراء والبيع بالنقد والنسيئة والعروض والغبن اليسير والبيع بالغبن الفاحش بمنزلة العبد المأذون على الاتفاق والاختلاف وهذا إذا باع من أجنبي أو اشترى منه فان باع من أبيه شيئا أو اشترى منه فان باع بمثل القيمة أو أكثر واشترى بمثل القيمة أو أقل جاز ولو كان فيه غبن فإن كان مما يتغابن الناس فيه جاز لان الاحتراز عنه غير ممكن وإن كان مما لا يتغابن الناس فيه لم يجز لأنه يتصرف بولاية مستفادة من قبل أبيه كأنه نائبه في التصرف فصار كما لو اشترى الأب شيئا من مال ابنه بنفسه لنفسه أو اشترى شيئا من ماله بنفسه لابنه الصغير كان الجواب فيه هكذا كذا هذا ولو باع من وصيه أو اشترى منه فإن لم يكن فيهما نفع ظاهر له لا يجوز بالاجماع وإن كان فيهما نفع ظاهر فإن كان بأكثر من قيمته بما لا يتغابن الناس في مثله فكذلك عند محمد رحمه الله وعندهما يجوز وللمأذون أن يسلم فيما يجوز فيه السلم ويقبل السلم فيه لان السلم من قبل المسلم إليه بيع الدين بالعين ومن قبل رب السلم شراء الدين بالعين وكل ذلك تجارة وله ان يوكل غيره بالبيع والشراء لان ذلك من عادات التجار أو التاجر لا يمكنه ان يتولى ذلك كله بنفسه فكان توكيله فيه من أعمال التجارة وكذا له ان يتوكل عن غيره بالبيع بالاجماع وتكون العهدة عليه ولو توكل عن غيره بالشراء ينظر ان وكله ان يشترى أشياء بالنقد جاز استحسانا دفع إليه الثمن أو لم يدفع وتكون العهدة عليه والقياس ان لا تجوز هذه الوكالة (ووجهه) انها لو جازت للزمه العهدة وهي تسليم الثمن فيصير في معنى الكفيل بالثمن ولا تجوز كفالته فلا تجوز وكالته (وجه) الاستحسان ان التوكيل بالشراء بالنقد في معنى التوكيل بالبيع ألا ترى انه لا يجب عليه تسليم المبيع فكان هذا في معنى البيع لا في معنى الكفالة ولو توكل عن غيره بشراء شئ نسيئة فاشترى لم يجز حتى كان الشراء للعبد دون الآخر لان الثمن إذا كان نسيئة لا يملك حبس المشترى الاستيفائه بل يلزمه التسليم إلى الموكل فكانت وكالته في هذه الصورة التزام الثمن فكانت كفالة معنى فلا يملكها المأذون وله ان يستأجر انسانا يعمل معه أو مكانا يحفظ فيه أمواله أو دوابا يحمل عليها أمتعته لان استئجار هذه الأشياء من توابع التجارة وكذا له ان يؤاجر الدواب والرقيق ونفسه لما قلنا ولان الإجارة من التجارة حتى كان الاذن بالإجارة اذنا بالتجارة وله ان يرهن ويرتهن ويعير ويودع ويقبل الوديعة لان ذلك كله من عادات التجار ويحتاج إليه التاجر أيضا وله ان يدفع المال مضاربة ويأخذ من غير مضاربة لما قلنا ولان الاخذ والدفع من باب الإجارة والاستئجار والمأذون يملك ذلك كله وله ان يشارك غيره شركة عنان لأنها من صنيع التجار ويحتاج إليه التاجر وليس له ان يشارك شركة مفاوضة لان المفاوضة تتضمن الكفالة ولا يملك الكفالة فلا يملك المفاوضة فإذا فاوض تنقلب شركة عنان لان هذا حكم فساد المفاوضة ولو اشترك عبدان مأذونان شركة عنان على أن يشتريا بالنقد والنسيئة جاز ما اشتريا بالنقد وما اشتريا بالنسيئة فهو له خاصة لان الشركة تتضمن الوكالة وقد ذكرنا انه يجوز ان يتوكل المأذون عن غيره بالشراء نقدا ولا يجوز ان يتوكل لغيره بالشراء نسيئة ويملك الاقرار بالدين لان هذا من ضرورات التجارة إذ لو لم يملك لامتنع الناس عن مبايعته خوفا من تواء أموالهم بالانكار عند تعذر إقامة البينة فكان اقراره بالدين من ضرورات التجارة فيصح ويملك الاقرار بالعين لان العادة قد جرت بشراء
(١٩٥)