وقال تعال عز شأنه واعلموا إنما غنمتم من شئ وقال جلت عظمته وكبرياؤه وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها وقال سبحانه وتعالى وإذ يعدكم الله احدى الطائفتين انها لكم وغير ذلك من النصوص والذي جاوز الدرب فارسا على قصد القتال مجاهد لوجهين أحدهما أن المجاوزة على هذا الوجه ارهاب العدو وانه جهاد والدليل على أنه ارهاب العدو وانه جهاد قوله عز وجل ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ولان دار الحرب لا تخلو عن عيون الكفار وطلائعهم فإذا دخلها جيش كثيف رجالا وركبانا فالجواسيس يخبرونهم بذلك فيقع الرعب في قلوبهم حتى يتركوا القرى والرساتيق هرابا إلى القلاع والحصون المنيعة فكان مجاوزة الدرب على قصد القتال ارهاب العدو وانه جهاد والثاني ان فيه غيظ الكفرة وكبتهم لان وطئ أرضهم وعقر دارهم مما يغيظهم قال الله تبارك وتعالى ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار وفيه قهرهم وما الجهاد الا قهر أعداء الله تعالى لاعزاز دينه واعلاء كلمته فدل ان مجاوزة الدرب فارسا على قصد القتال جهاد ومن جاهد فارسا فله سهم الفرسان ومن جاهد راجلا فله سهم الرجالة بقوله عليه الصلاة والسلام للفارس سهمان وللراجل سهم وأما أمر سيدنا عمر رضي الله عنه فيحتمل أنه قال ذلك في وقعة خاصة بان وقع القتال في دار الاسلام أو في أرض فتحت عنوة وقهرا ثم لحق المدد أو يحمل على هذا توفيقا بين الدلائل بقدر الامكان صيانة لها عن التناقض ونحن به نقول إن المدد لا يشاركونهم في الغنيمة في تلك الوقعة الا إذا شهدوها ولا كلام فيه وعلى هذا إذا دخل راجلا ثم اشترى فرسا أو استأجر أو استعار أو وهب له فله سهم الرجال عندنا لاعتبار وقت الدخول وعند الشافعي له سهم الفرسان لاعتبار وقت الشهود وقال الحسن رحمه الله في هذه الصورة إذا قاتل فارسا فله سهم فارس وعلى هذا إذا دخل فارسا ثم باع فرسه أو آجره أو وهبه أو أعاره فقاتل وهو راجل فله سهم راجل ذكره في السير الكبير وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله ان له سهم فارس وسوى على هذه الرواية بين البيع والموت وبين البيع قبل شهود الوقعة وبعدها والصحيح جواب ظاهر الرواية لان المجاوزة فارسا على قصد القتال دليل الجهاد فارسا ولما باع فرسه تبين انه لم يقصد به الجهاد فارسا بل قصد به التجارة وكذا هذا في الإجارة والإعارة والرهن بخلاف ما بعد شهود الوقعة لان البيع بعده لا يدل على قصد التجارة لان الغازي لا يبيع فرسه ذلك الوقت لقصد التجارة عادة بل لقصد ثبات القدم والتشمر للقتال بعامة ما في وسعه وامكانه والله تعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان حكم الاستيلاء من الكفرة على أموال المسلمين فالكلام فيه في موضعين أحدهما في بيان أصل الحكم والثاني في بيان كيفيته أما الأول فنقول لا خلاف في أن الكفار إذا دخلوا دار الاسلام واستولوا على أموال المسلمين ولم يحرزوها بدارهم انهم لا يملكونها حتى لو ظهر عليهم المسلمون وأخذوا ما في أيديهم لا يصير ملكا لهم وعليهم ردها إلى أربابها بغير شئ وكذا لو قسموها في دار الاسلام ثم ظهر عليهم المسلمون فاخذوها من أيديهم أخذها أصحابها بغير شئ لان قسمتهم لم تجز لعدم الملك فكان وجودها والعدم بمنزلة واحدة بخلاف قسمة الامام الغنائم في دار الحرب انها جائزة وان لم يثبت الملك فيها في دار الحرب لان قسمة الامام إنما تجوز عندنا إذا اجتهد وأفضى رأيه إلى الملك حتى لو قسم مجازفة لا تجوز على أن القسمة هناك قضاء صدر من امام جائز القضاء ولم يوجد ههنا ولا خلاف في أنهم أيضا إذا استولوا على رقاب المسلمين ومدبريهم وأمهات أولادهم ومكاتبيهم انهم لا يملكون وان أحرزوهم بالدار واختلف فيما إذا دخلوا دار الاسلام فاستولوا على أموال المسلمين وأحرزوها بدار الحرب وقال علماؤنا يملكونها حتى لو كان المستولي عليه عبد فاعتقه الحربي أو باعه أو كاتبه أو دبره أو كانت أمة فاستولدها جاز ذلك خاصة وقال الشافعي رحمه الله لا يملكونها وجه قوله إنهم استولوا على مال معصوم والاستيلاء على مال معصوم لا يفيد الملك كاستيلاء المسلم على مال المسلمين واستيلائهم على الرقاب وإنما قلنا ذلك لان عصمة مال المسلم ثابتة في حقهم لأنهم يخاطبون بالحرمات إذا بلغتهم الدعوة وان اختلفا في العبادات والاستيلاء يكون محظورا والمحظور
(١٢٧)