فيه لانقطاع تصرف الاغيار والله تعالى أعلم ثم اختلف العلماء في سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى سهم ذوي القربى بعد وفاته أما سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال علماؤنا رحمهم الله انه سقط بعد وفاته عليه الصلاة والسلام وقال الشافعي رحمه الله انه لم يسقط ويصرف إلى الخلفاء لأنه عليه الصلاة والسلام إنما كان يأخذه كفاية له لاشتغاله بمصالح المسلمين والخلفاء بعده مشغولون بذلك فيصرف سهمه إليهم كفاية لهم (ولنا) أن ذلك الخمس كان خصوصية له عليه الصلاة والسلام كالصفى الذي كان له خاصة والفئ وهو المالية الذي لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب ثم لم يكن لاحد خصوص من الفئ والصفى فكذا يجب أن لا يكون لاحد خصوص من الخمس ولهذا لم يكن للخلفاء الراشدين بعده يحققه أنه لو بقي بعده لكان بطريق الإرث وقد قال عليه الصلاة والسلام انا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة (وأما) سهم ذوي القربى فقد قال الشافعي رحمه الله إنه باق ويصرف إلى أولاد بني هاشم من أولاد سيدتنا فاطمة رضي الله عنها وغيرها يستوى فيه فقيرهم وغنيهم (وأما) عندنا فعلى الوجه الذي كان بقي واختلف المشايخ فيه أنه كيف كان والصحيح أنه كان لفقراء القرابة دون أغنيائهم يعطون لفقرهم وحاجتهم لا لقرابتهم وقد بقي كذلك بعد وفاته فيجوز أن يعطى فقراء قرابته عليه الصلاة والسلام كفايتهم دون أغنيائهم ويقدمون على غيرهم من الفقراء ويجاوز لهم من الخمس أيضا لما لاحظ لهم من الصدقات لكن يجوز أن يعطى غيرهم من فقراء المسلمين دونهم فيقسم الخمس عندنا على ثلاثة أسهم سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل ويدخل فقراء ذوي القربى فيهم ويقدمون ولا يدفع إلى أغنيائهم شئ وعند الشافعي رحمه الله لذوي القربى سهم على حدة يصرف إلى غنيهم وفقيرهم احتج الشافعي رحمه الله بقوله تعالى واعلموا إنما غنمتم من شئ فان لله خمسة وللرسول ولذي القربى الآية فان الله تعالى جعل سهما لذوي القرب وهم القرابة من غير فصل بين الفقير والغنى وكذا روى أنه عليه الصلاة والسلام قسم الخمس على خمسة أسهم وأعطى سهما منها لذوي القربى ولم يعرف له ناسخ في حال حياته ولا نسخ بعد وفاته (ولنا) ما رواه محمد بن الحسن في كتاب السير ان سيدنا أبا بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا عليا رضي الله عنهم قسموا الغنائم على ثلاثة أسهم سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل بمحضر من الصحابة الكرام ولم ينكر عليهم أحد فيكون اجماعا منهم على ذلك وبه تبين أن ليس المراد من ذوي القربى قرابة الرسول عليه الصلاة والسلام إذ لا يظن بهم مخالفة كتاب الله تعالى ومخالفة رسوله عليه الصلاة والسلام في فعله ومنع الحق عن المستحق وكذا لا يظن بمن حضرهم من الصحابة رضى الله تعالى عنهم السكوت عما لا يحل مع ما وصفهم الله تعالى بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر وكذا ظاهر الآية الشريفة يدل عليه لان اسم ذوي القربى يتناول عموم القرابات ألا ترى إلى قوله تعالى للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ولم يفهم منه قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة وكذا قوله الوصية للوالدين والأقربين لم ينصرف إلى قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما روى أنه قسم عليه الصلاة والسلام الخمس على خمسة أسهم فأعطى عليه الصلاة والسلام ذا القربى سهما فنعم لكن الكلام في أنه أعطاهم خاصة وكذا قوله الوصية للوالدين والأقربين لم ينصرف إلى قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم لفقرهم وحاجتهم أو لقرابتهم وقد علمنا بقسمة الخلفاء الراشدين رضى الله تعالى عنهم أنه أعطاهم لحاجتهم وفقرهم لا لقرابتهم والدليل عليه أنه عليه الصلاة والسلام كان يشدد في أمر الغنائم فتناول من وبر بعير وقال ما يحل لي من غنائمكم ولا وزن هذه الوبرة الا الخمس وهو مردود فيكم ردوا الخيط والمخيط فان الغلول عار ونار وشنار على صاحبه يوم القيامة لم يخص عليه الصلاة والسلام القرابة بشئ من الخمس بل عم المسلمين جميعا بقوله عليه الصلاة والسلام والخمس مردود فيكم فدل أن سبيلهم سبيل سائر فقراء المسلمين يعطى من يحتاج منهم كفايته والله سبحانه وتعالى أعلم ولو أعطى أي فريق اتفق ممن سماهم الله تعالى جاز لان ذكر هؤلاء الأصناف لبيان المصارف لا لايجاب الصرف إلى كل صنف منهم شيئا بل لتعيين المصرف حتى لا يجوز الصرف إلى غير هؤلاء
(١٢٥)