نذكره ولو دخل بغير اذن الامام لم يكن غنيمة عندنا لانعدام المنعة أصلا وعند الشافعي رحمه الله يكون غنيمة والصحيح قولنا لان الغنيمة والغنم والمغنم في اللغة اسم لمال أصيب من أموال أهل الحرب وأوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب وكذا إشارة النص دليل عليه وهي قوله سبحانه وتعالى وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب أشار سبحانه وتعالى إلى أنه ما لم يوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب لا يكون غنيمة وإصابة مال أهل الحرب بايجاف الخيل والركاب لا يكون الا بالمنعة اما حقيقة أو دلالة لان من لا منعة له لا يمكنه الاخذ على طريق القهر والغلبة فلم يكن المأخوذ غنيمة بل كان مالا مباحا فيختص به الا آخذ كالصيد الا ان أخذاه جميعا فيكون المأخوذ بينهما كما لو أخذا صيدا اما عند وجود المنعة فيتحقق الاخذ على سبيل القهر والغلبة اما حقيقة المنعة فظاهرة وكذا دلالة المنعة وهي اذن الامام لأنه لما أذن له الامام بالدخول فقد ضمن له المعونة بالمدد والنصرة عند الحاجة فكان دخوله باذن الامام امتناعا بالجيش الكثيف معنى فكان المأخوذ مأخوذا على سبيل القهر والغلبة فكان غنيمة فهو الفرق ولو اجتمع فريقان أحدهما دخل باذن الامام والاخر بغير اذنه ولا منعة لهم فالحكم في كل فريق عند الاجتماع ما هو الحكم عند الانفراد انه تفرد كل فريق بأخذ شئ فلكل فريق ما أخذ كما لو أنفرد كل فريق بالدخول فاخذ شيئا فان اشترك الفريقان في الاخذ فالمأخوذ بينهم على عدد الا آخذين ثم ما أصاب المأذون لهم يخمس ويكون أربعة أخماسه بينهم مشتركة فيه الآخذ وغير الآخذ لأنه غنيمة وهذا سبيل الغنائم وما أصاب الذين لم يؤذن لهم لا خمس فيه فيكون بين الآخذين ولا يشاركهم الذين لم يأخذوا لأنه مال مباح وهذا حكم المال المباح على ما بينا هذا إذا اجتمع فريقان ولا منعة لهم فاما إذا اجتمعا وكان لهم باجتماعهم منعة فما أصاب واحدا منهم أو جماعتهم يخمس وأربعة أخماسه بينهم لان المأخوذ غنيمة لوجود المنعة فكان وجود الاذن وعدمه بمنزلة واحدة ولو كان الذين دخلوا باذن الامام لهم منعة ثم لحقهم لص أو لصان لا منعة لهما بغير اذن الامام ثم لقوا قتالا وأصابوا مالا وأصابوا غنائم فما أصاب العسكر قبل ان يلحقهم اللص فان هذا اللص لا يشاركهم فيه وما أصابوه بعد ان لحق هذا اللص بهم فإنه يشاركهم لان الإصابة قبل اللحاق حصلت بقتال العسكر حقيقة وكذلك الاحراز بدار الاسلام لان لهم غنية عن معونة اللص فكان دخوله في الاستيلاء على المصاب قبل اللحاق وعدمه بمنزلة واحدة ولا يشبه هذا الجيش إذا لحقهم المدد انه يشاركهم فيما أصابوا لان الجيش يستعين بالمدد لقوتهم فكان الاحراز حاصلا بالكل وكذلك الإصابة بعد اللحوق حصلت باستيلاء الكل لذلك شاركهم بخلاف اللص والله تعالى أعلم ولو أخذ واحد من الجيش شيئا من المتاع الذي له قيمة وليس في يد انسان منهم كالمعادن والكنوز والخشب والسمك فذلك غنيمة وفيه الخمس وذلك الواحد إنما أخذه بمنعة الجماعة وقوتهم فكان مالا مأخوذا على سبيل القهر والغلبة فكان غنيمة وان لم يكن لذلك الشئ في دار الحرب وفى دار الاسلام قيمة فهو له خاصة لأنه إذا لم يكن له قيمة لا يقع فيه تمانع وتدافع فلا يقع أخذه على سبيل القهر والغلبة فلم يكن غنيمة ولو أخذ شيئا له قيمة في دار الحرب نحو الخشب فعمله آنية أو غيرها رده إلى الغنيمة لأنه إذا كان له قيمة بذاته فالعمل فيه فضل له فإن لم يكن ذلك الشئ متقوما فهو له خاصة لما قلنا ولا خمس فيما يؤخذ على موادعة أهل الحرب لأنه ليس بمأخوذ على سبيل القهر والغلبة فلم يكن غنيمة وكذا ما بعث رسالة إلى امام المسلمين لا خمس فيه لما قلنا ولو حاصر المسلمون قلعة في دار الحرب فاقتدوا أنفسهم بمال ففيه الخمس لأنه غنيمة لكونه مأخوذا على سبيل القهر والغلبة والله سبحانه وتعالى أعلم وأما بيان ما يملكه الامام من التصرف في الغنائم فجملة الكلام فيه انه إذا ظهر الامام على بلاد أهل الحرب فالمستولي عليه لا يخلو من أحد أنواع ثلاثة المتاع والأراضي والرقاب اما المتاع فإنه يخمس ويقسم الباقي بين الغانمين ولا خيار للامام فيه واما الأراضي فللامام فيها خياران ان شاء خمسها ويقسم الباقي بين الغانمين لما بينا وان شاء تركها في يد أهلها بالخراج وجعلهم ذمة إن كانوا بمحل الذمة بأن كانوا من أهل الكتاب أو من مشركي العجم ووضع الجزية على رؤسهم والخراج على أراضيهم وهذا عندنا وعند
(١١٨)