شجاعة لأنه لا ينقاد طبعه لاظهارها الا بالترغيب بزيادة من المصاب بالتنفيل كذا هذا وهل يجب فيه الخمس فعن أبي حنيفة رضي الله عنه روايتان والصحيح انه لا يجب لان الخمس إنما يجب في الغنائم والغنيمة اسم للمال المأخوذ عنوة وقهرا بايجاف الخيل والركاب ولم يوجد لحصوله في أيديهم بغير قتال فكان مباحا ملك لا على سبيل القهر والغلبة فلا يجب فيه الخمس كسائر المباحات وكذا روى عن محمد روايتان والصحيح انه يجب فيه الخمس لان الملك عنده يثبت بأخذه وإنما أخذه على سبيل القهر والغلبة فكان في حكم الغنائم ولو دخل دار الاسلام فاسلم قبل ان يؤخذ ثم أخذه واحد من المسلمين يكون فيأ لجماعة المسلمين أيضا عند أبي حنيفة وعندهما يكون حرا لا سبيل لاحد عليه وهذا فرع الأصل الذي ذكرنا ان عند أبي حنيفة رحمه الله كما دخل دار الاسلام فقد انعقد سبب الملك فيه لوقوعه في يد أهل الدار فاعتراض الاسلام بعد انعقاد سبب الملك لا يمنع الملك وعندهما سبب الملك هو الاخذ حقيقة فكان حرا قبله حيث وجد الاسلام قبل وجود سبب الملك فيه فيمنع ثبوت الملك على ما مر ولو رجع هذا الحربي إلى دار الحرب خرج من أن يكون فيأ بالاجماع اما عند أبي حنيفة فلان حق أهل دار الاسلام لا يتأكد الا بالاخذ حقيقة ولم يوجد واما عندهما فلانه لم يثبت الملك أصلا الا بحقيقة الاخذ ولم يوجد وصار هذا كما إذا انفلت واحد من الأسارى قبل الاحراز بدار الاسلام والتحق بمنعتهم انه يعود حرا كما كان كذا هذا ولو ادعى هذا الحربي بأمان لم يقبل قوله عند أبي حنيفة وعندهما يقبل اما عنده فلان دخول دار الحرب سبب ثبوت الملك والأمان عارض مانع من انعقاد السبب فلا تقبل دعوى العارض الا بحجة واما عندهما فلان الملك فيه يقف على حقيقة الاخذ فكان حرا قبله فكان دعوى الأمان دعوى حكم الأصل فتقبل وكذلك لو قال الا آخذ انى امنته لم يقبل قوله عند أبي حنيفة وعندهما يقبل اما عنده فلان هذا اقرار يتضمن ابطال حق الغير فلا يقبل وعندهما هذا اقرار على نفسه وانه غير متهم في حق نفسه ولو دخل هذا الحربي الحرم قبل ان يؤخذ فهو فئ عند أبي حنيفة ودخول الحرم لا يبطل ذلك عنه لان ما ذكرنا من المعنى لا يوجب الفصل بين الحرم وغيره والدليل عليه ان الاسلام لم يبطل الملك فالحرم أولى ولان الاسلام أعظم حرمة من الحرم وعندهما لا يكون فيئا الا بحقيقة الاخذ فيبقى على أصل الحرية ولا يتعرض له لكنه لا يطعم ولا يسقى ولا يؤوى ولا يبايع حتى يخرج من الحرم ولو أمنه رجل من المسلمين في الحرم أو بعد ما خرج من الحرم قبل ان يؤخذ لم يصح عند أبي حنيفة وعندهما يصح ويرد إلى مأمنه لان عنده صار فيئا لجماعة المسلمين بنفس دخول دار الاسلام وعندهما لا يصير فيئا الا بحقيقة الاخذ فإذا أمنه قبل الاخذ يصح ولا يصح بعده لأنه مرقوق ولو أخذه رجل في الحرم وأخرجه منه فقد أساء وكان فيئا لجماعة المسلمين عند أبي حنيفة وعندهما يكون لمن أخذه اما عنده فلان الملك قد ثبت بدخوله دار الاسلام فالأخذ في الحرم لا يبطله واما عندهما فلان الملك وإن كان يثبت بالاخذ وانه منهى لكن النهى لغيره وهو حرمة الحرم فلا يمنع كونه سببا للملك في ذاته كالبيع وقت النداء ونحو ذلك ولو أخذه في الحرم ولم يخرجه فينبغي ان يخلى سبيله في الحرم رعاية لحرمة الحرم ما دام فيه والله سبحانه وتعالى أعلم وأما الغنيمة فالكلام فيها في مواضع في تفسير الغنيمة وفي بيان ما يملكه الامام من التصرف في الغنائم وفي بيان مكان قسمة الغنائم وفي بيان ما يباح الانتفاع به من الغنائم وفي بيان كيفية قسمة الغنائم وفي بيان مصارفها اما الأول فالغنيمة عندنا اسم للمأخوذ من أهل الحرب على سبيل القهر والغلبة والاخذ على سبيل القهر والغلبة لا يتحقق الا بالمنعة اما بحقيقة المنعة أو بدلالة المنعة وهي اذن الامام وعند الشافعي رحمه الله هي اسم للمأخوذ من أهل الحرب كيف ما كان ولا يشترط له المنعة أصلا وبيان ذلك في مسائل إذا دخل جماعة لهم منعة دار الحرب فاخذوا أموالا منهم فإنها تقسم قسمة الغنائم بالاجماع سواء دخلوا باذن الامام أو بغير اذنه لوجود الاخذ على سبيل القهر والغلبة لوجود المنعة القائمة مقام المقاتلة حقيقة وأقل المنعة أربعة في ظاهر الرواية لقوله عليه الصلاة والسلام خير الأصحاب أربعة وروى عن أبي يوسف انها تسعة ولو دخل من لا منعة له باذن الامام كان المأخوذ غنيمة في ظاهر الرواية عن أصحابنا لوجود المنعة دلالة على ما
(١١٧)