على أحدهما شهادة الأربع ولا حد على الشهود أيضا عند أصحابنا وعند زفر يحدون (وجه) قوله إن عدد الشهود قد انتقص لان كل فريق شهد بفعل غير الذي شهد به الفريق الآخر ونقصان عدد الشهود يوجب صيرورة الشهادة قذفا كما لو شهد ثلاثة بالزنا (ولنا) ان المشهود به لم يختلف عند الشهود لان عندهم ان هذا زنا واحد وإنما وقع اختلافهم في المكان فثبت بشهادتهم شبهة اتحاد الفعل فيسقط الحد وعلى هذا إذا اختلفوا في الزمان فشهد اثنان انه زنى بها في يوم كذا واثنان في يوم آخر ولو شهد اثنان انه زنى في هذه الزاوية من البيت وشهد اثنان انه زنى في هذه الزاوية الأخرى منه يحد المشهود عليه لجواز ان ابتداء الفعل وقع في هذه الزاوية من البيت وانتهاؤه في زاوية أخرى منه لانتقالهما منه واضطرابهما فلم يختلف المشهود به فتقبل شهادتهم حتى لو كان البيت كبيرا لا تقبل لأنه يكون بمنزلة البيتين ولو شهد أربعة بالزنا بامرأة فشهد اثنان أنه استكرهها واثنان انها طاوعته لا حد على المرأة بالاجماع لان الحد لا يجب الا بالزنا طوعا ولم تثبت الطواعية في حقها (وأما) الرجل فلا حد عليه أيضا عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يحد (وجه) قولهما ان زنا الرجل عن طوع ثبت بشهادة الأربع الا أنه تفرد اثنان منهم باثبات زيادة الاكراه منه وانه لا يمنع وجوب الحد كما لو زنا بها مستكرهة ولأبي حنيفة عليه الرحمة ان المشهود قد اختلف لان فعل المكره غير فعل من ليس بمكره فقد شهدوا بفعلين مختلفين وليس على أحدهما شهادة الأربع فلا يحد المشهود عليه ولا الشهود عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر وقد مر الكلام فيه في اختلافهم في المكان والزمان والله تعالى أعلم ثم الشهود إذا استجمعوا شرائط صحة الشهادة وشهدوا عند القاضي سألهم القاضي عن الزنا ما هو وكيف هو ومتى زنا وأين زنا وبمن زنا اما السؤال عن ماهية الزنا فلانه يحتمل انهم أرادوا به غير الزنا المعروف لان اسم الزنا يقع على أنواع لا توجب الحد قال عليه الصلاة والسلام العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه وأما السؤال عن الكيفية فلانه يحتمل انهم أرادوا به الجماع فيما دون الفرج لان ذلك يسمى جماعا حقيقة أو مجازا فإنه لا يوجب الحد واما السؤال عن الزمان فلانه يحتمل انهم شهدوا بزنا متقادم والتقادم يمنع قبول الشهادة بالزنا واما السؤال عن المكان فلانه يحتمل انه زنا في دار الحرب أو في دار البغي وانه لا يوجب الحد واما السؤال عن المزني بها فلانه يحتمل أن تكون الموطوءة ممن لا يجب الحد بوطئها كجارية الابن وغير ذلك فإذا سألهم القاضي عن هذه الجملة فوصفوا سأل المشهود عليه أهو محصن أم لا فان أنكر الاحصان وشهد على الاحصان رجلان أو رجل وامرأتان على الاختلاف سأل الشهود عن الاحصان ما هو لان له شرائط يجوز ان تخفى على الشهود فإذا وصفوا قضى بالرجم ولو شهدت بينة الاحصان انه جامعها أو باضعها صار محصنا لان هذا اللفظ في العرف مستعمل في الوطئ في الفرج ولو شهدوا انه دخل بها صار محصنا وهذا وقوله جامعها سواء في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله لا يصير محصنا (وجه) قوله إن هذا اللفظ يستعمل في الوطئ ويستعمل في الزفاف فلا يثبت الاحصان مع الاحتمال ولهما ان الدخول بالمرأة في عرف اللغة والشرع يراد به الوطئ قال الله تعالى عز شأنه وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن حرم سبحانه وتعالى الربيبة بشرط الدخول بأمها فعلم أن المراد من الدخول هو الوطئ لأنها تحرم بمجرد نكاح الام من غير وطئ وذكر القاضي في شرحه الاختلاف على القلب فقال على قول أبي حنيفة رحمه الله لا يصير محصنا ما لم يصرح بالوطئ وعلى قول محمد رحمه الله يصير محصنا ولو شهدوا على الدخول وكان له منها ولد هو محصن بالاجماع وكفى بالولد شاهدا والله تعالى أعلم (وأما) شرائط الاقرار بالحد فمنها ما يعم الحدود كلها ومنها ما يخص البعض دون البعض اما الذي يعم الحدود كلها فمنها البلوغ فلا يصح اقرار الصبي في شئ من الحدود لان سبب وجوب الحد لابد وأن يكون جناية وفعل الصبي لا يوصف بكونه جناية فكان اقراره كذبا محضا ومنها النطق وهو أن يكون الاقرار بالخطاب والعبارة دون الكتاب والإشارة حتى أن الأخرس لو كتب الاقرار في كتاب أو أشار إليه إشارة معلومة لا حد عليه لان الشرع علق وجوب الحد بالبيان المتناهي ألا ترى انه لو أقر
(٤٩)