ينتسبون إلى القبيلة وينتمون إليهم في العرف والشرع قال عليه الصلاة والسلام موالي القوم منهم وفى رواية موالي القوم من أنفسهم وحليفهم منهم وروى أنه قال في جملة ذلك وعبيدهم منهم ولان بنى فلان إذا كانوا لا يحصون سقط اعتبار حقيقة البنوة فصار عبارة عمن يقع بهم لهم التناصر والموالي يقع بهم لهم التناصر وكذا الحليف والعديد إذ الحليف هو الذي حلف للقبيلة انه ينصرهم ويذب عنهم كما يذب عن نفسه وهم حلفوا له كذلك والعديد هو الذي يلحق بهم من غير حلف ولو أوصى لقبيلة فلان دخل فيه الموالي لان المراد من القبيلة الذين ينسبون إليه والموالي ينسبون إليه هذا إذا كانوا يحصون فإن كانوا لا يحصون لا تجوز الوصية لما قلنا في الوصية لبنى فلان بخلاف ما إذا أوصى لبنى فلان وهم يحصون وفلان أب خاص لهم وليس بابي قبيلة حيث كان الثلث لبنى صلبه ولا يدخل فيه مواليه لأنه ما جرى العرف هناك انهم يريدون بهذه اللفظة المنتسب إليهم فبقيت اللفظة محمولة على الحقيقة ولهذا لا يدخل في الوصية بنو بنيه والدليل على التفرقة بين الفصلين أن زيدا لو أعتق عبدا لا يقول المعتق أنا من بنى زيد إذا كان زيد أبا خاصا وإن كان زيد أبا قبيلة يقول المعتق أنا من بنى زيد هذا هو المتعارف عندهم ولان بنى فلان إذا كانوا لا يحصون لم تصح الوصية لان الوصية وقعت لهم تمليك المال منهم وهم مجهولون ولا يمكن أن يجعل هذا وصية بالصدقة لأنه ليس في لفظ الابن ما ينبئ عن الحاجة فلا يصح كما لو أوصى للمسلمين انه لا يصح لجهالة الملك منه ولم يجعل وصية بالصدقة لما قلنا كذا هذا وإن كان أبا نسب وهو رجل من الناس يعرف كابن أبي ليلى وابن سيرين ونحو ذلك فإن كانوا كلهم ذكورا دخلوا في الوصية لان حقيقة اسم البنين للذكور لأنه جمع الابن فيجب العمل بالحقيقة ما أمكن وقد أمكن وإن كان وا كلهم إناثا لا يدخل فيه واحدة منهن لان اللفظ لا يتناولهن عند انفرادهن وإن كانوا ذكورا وإناثا فقد اختلف فيه قال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهم الوصية للذكور دون الإناث وقال محمد عليه الرحمة يدخل فيه الذكور والإناث وهو احدى الروايتين عن أبي حنيفة رواه يوسف بن خالد السمتي وذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه (وجه) قول محمد رحمه الله ان الذكور مع الإناث إذا اجتمعا غلب الذكور الإناث ويتناول اسم الذكور الذكور والإناث وإن كان لا يتناولهن حالة الانفراد ولهذا تتناول الخطابات التي في القرآن العظيم باسم الجمع الذكور والإناث جميعا فكذا في الوصية ولهما اعتبار الحقيقة وهو أن البنين جمع ابن والابن اسم للذكر حقيقة وكذا البنون فلا يتناول الا الذكور ولهذا لم يتناولهن حالة الانفراد فكذا حالة الاجتماع وهكذا نقول في خطابات القرآن العظيم ان خطاب الذكور لا يتناول الإناث بصيغته بل بدليل زائد والدليل عليه ما روى أن النساء شكون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن يا رسول الله ان الله سبحانه وتعالى يخاطب الرجال دوننا فنزل قوله تبارك وتعالى ان المسلمين والمسلمات الآية فلو كان خطاب الرجال يتناولهن لم يكن لشكايتهن معنى بخلاف ما إذا كان فلان أبا قبيلة أو بطن أو فخذ لان الإضافة إلى القبيلة والبطن والفخذ لا يراد بها الأعيان وإنما يراد بها الأنساب وهي أن يكون منسوبا إلى القبيلة والبطن والفخذ والذكر والأنثى في النسبة على السواء ولهذا يتناول الاسم الإناث منهم وان لم يكن فيهن ذكر ولا يتناول الاسم من ولد الرجل المعروف الإناث اللاتي لا ذكر معهن فإن كان لفلان بنو صلب وبنو ابن فالوصية لبنى الصلب لأنهم بنوه في الحقيقة (وأما) بنو الابن فبنو بنيه حقيقة لا بنوه وإنما يسمون بنيه مجازا واطلاق اللفظ يحمل على الحقيقة ما أمكن فإن لم يكن له بنو الصلب فالوصية لبنى الابن لأنهم بنوه مجازا فيحمل عليه عند تعذر العمل بالحقيقة وأما أبناء البنات فلا يدخلون في الوصية عند أبي حنيفة عليه الرحمة وذكر الخصاف عن محمد رحمه الله انهم يدخلون كأبناء البنين وسنذكر المسألة إن شاء الله تعالى فإن كان له ابنان لصلبه فالوصية لهما في قولهم جميعا لان اسم الجمع في باب الوصية يتناول الاثنين فصاعدا فقد وجد من يستحق كل الوصية فلا يحمل على غيرهم وإن كان له ابن واحد لصلبه صرف صنف الثلث إليه الان المذكور بلفظ الجمع وليس في الواحد معنى الجمع فلا يستحق الواحد كل الوصية بل النصف ويرد النصف الباقي إلى ورثة الموصى وإن كان له ابن واحد لصلبه وابن
(٣٤٤)