في المباحات والمرخصات دون الفرائض والعزائم وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله تعالى تصدق عليكم بشطر الصلاة الا فاقبلوا صدقته والمتصدق عليه يكون مختارا في قبول الصدقة كما في التصدق من العباد ولان القصر ثبت نظرا للمسافر تخفيفا عليه في السفر الذي هو محل المشقات المتضاعفة والتخفيف في التخيير فان شاء مال إلى القصر وان شاء مال إلى الا كمال كما في الافطار في شهر رمضان (ولنا) ما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال صلاة المسافر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تام غير قصر على لسان نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وروى تمام غير قصر وروى الفقيه الجليل أبو أحمد العياضي السمرقندي وأبو الحسن الكرخي عن ابن عباس رضي الله عنه هكذا وروى عن عائشة رضي الله عنها انها قالت فرضت الصلاة في الأصل ركعتين الا المغرب فإنها وتر النهار ثم زيدت في الحضر وأقرت في السفر على ما كانت وروى عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه قال ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم الا وصلى ركعتين الا المغرب ولو كان القصر رخصة والاكمال هو العزيمة لما ترك العزيمة الا أحيانا إذا لعزيمة أفضل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يختار من الاعمال الا أفضلها وكان لا يترك الأفضل الا مرة أو مرتين للرخصة في حق الأمة فاما ترك الأفضل أبدا وفيه تضييع الفضيلة عن النبي صلى الله عليه وسلم في جميع عمره فما لا يحتمل والدليل عليه انه صلى الله عليه وسلم قصر بمكة وقال لأهل مكة أتموا يا أهل مكة فانا قوم سفر فلو جاز الأربع لما اقتصر على الركعتين لوجهين أحدهما انه كان يغتنم زيادة العمل في الحرم لما للعبادة فيه من تضاعف الاجر والثاني انه صلى الله عليه وسلم كان اماما وخلفه المقيمون من أهل مكة فكان ينبغي أن يتم أربعا كيلا يحتاج أولئك القوم إلى التفرد ولينا لو أفضلية الائتمام به في جميع الصلاة وحيث لم يفعل دل ذلك على صحة ما قلنا وروى أن عثمان رضي الله عنه أتم الصلاة بمنى فأنكر عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال لهم انى تأهلت بمكة وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تأهل بقوم فهو منهم فدل انكار الصحابة رضي الله عنهم واعتذار عثمان رضي الله عنه ان الفرض ما قلنا إذ لو كان الأربع عزيمة لما أنكرت الصحابة عليه ولما اعتذر هو إذ لا يلام على العزائم ولا يعتذر عنها فكان ذلك اجماعا من الصحابة رضي الله عنهم على ما قلنا وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما انه سئل عن الصلاة في السفر فقال ركعتان ركعتان من خالف السنة كفر اي خالف السنة اعتقاد الا فعلا وروى عن ابن عباس رضي الله عنه ان رجلين سألاه وكان أحدهما يتم الصلاة في السفر والآخر يقصر عن حالهما فقال للذي قصر أنت أكملت وقال للآخر أنت قصرت ولا حجة له في الآية لان المذكور فيها أصل القصر لا صفته وكيفيته والقصر قد يكون عن الركعات وقد يكون عن القيام إلى القعود وقد يكون عن الركوع والسجود إلى الايماء لخوف العد ولا بترك شطر الصلاة وذلك مباح مرخص عندنا فلا يكون حجة مع الاحتمال مع ما ان في الآية ما يدل على أن المراد منه ليس هو القصر عن الركعات وهو ترك شطر الصلاة لأنه علق القصر بشرط الخوف وهو خوف فتنة الكفار بقوله إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا والقصر عن الركعات لا يتعلق بشرط الخوف بل يجوز من غير خوف والحديث دليلنا لأنه أمر بالقبول فلا يبقى له خيار الرد شرعا إذ الامر للوجوب وقوله المتصدق عليه يكون مختارا في القبول قلنا معنى قوله تصدق عليكم أي حكم عليكم على أن التصدق من الله تعالى فيما لا يحتمل التمليك يكون عبارة عن الاسقاط كالعفو من الله تعالى وما ذكر من المعنى غير سديد لان هذا ليس ترفيها بقصر شطر الصلاة بل لم يشرع في السفر الا هذا القدر لما ذكرنا من الدلائل ولقول ابن عباس رضي الله عنه لا تقولوا قصرا فان الذي فرضها في الحضر أربعا هو الذي فرضها في السفر ركعتين وليس إلى العباد ابطال قدر العبادات الموظفة عليهم بالزيادة والنقصان الا ترى ان من أراد أن يتم المغرب أربعا أو الفجر ثلاثا أو أربعا لا يقدر على ذلك كذا هذا ولا قصر في الفجر والمغرب لان القصر بسقوط شطر الصلاة وبعد سقوط الشطر منهما لا يبقى نصف مشروع بخلاف ذوات الأربع وكذا لا قصر في السنن والتطوعات لان القصر بالتوقيف ولا توقيف
(٩٢)