يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينصرفن وما يعرفن من شدة الغلس (ولنا) قول النبي صلى الله عليه وسلم أسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر رواه رافع بن خديج وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قبل ميقاتها الا صلاتين العصر بعرفة وصلاة الفجر بمزدلفة قد غلس بها فسمى التغليس بالفجر صلاة قبل المقيات فعلم أن العادة كانت في الفجر الاسفار وعن إبراهيم النخعي أنه قال ما اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على شئ كاجتماعهم على تأخير العصر والتنوير بالفجر ولان في التغليس تقليل الجماعة لكونه وقت نوم وغفلة وفى الاسفار تكثيرها فكان أفضل ولهذا يستحب الايراد بالظهر في الصيف لاشتغال الناس بالقيلولة ولان في حضور الجماعة في هذا الوقت ضرب حرج خصوصا في حق الضعفاء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم صل بالقوم صلاة أضعفهم ولان المكث في مكان صلاة الفجر إلى طلوع الشمس مندوب إليه قال صلى الله عليه وسلم من صلى الفجر ومكث حتى تطلع الشمس فكأنما أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل وقلما يتمكن من احراز هذه الفضيلة عند التغليس لأنه قلما يمكث فيها الطول المدة ويتمكن من احرازها عند الاسفار فكان أولى وما ذكر من الدلائل الجملية فنقول بها في بعض الصلوات في بعض الأوقات على ما نذكر لكن قامت الدلائل في بعضها على أن التأخير أفضل لمصلحة وجدت في التأخير ولهذا قال الشافعي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل لئلا يقع في السمر بعد العشاء ثم الامر بالمسارعة ينصرف إلى مسارعة ورد الشرع بها الا ترى ان الأداء قبل الوقت لا يجوز وإن كان فيه مسارعة لما لم يرد الشرع بها وقيل في الحديث ان العفو عبارة عن الفضل قال الله تعالى ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو أي الفضل فكان معنى الحديث على هذا والله أعلم أن من أدى الصلاة في أول الأوقات فقد نال رضوان الله وأمن من سخطه وعذابه لامتثاله أمره وأدائه ما أوجب عليه ومن أدى في آخر الوقت فقد نال فضل الله ونيل فضل الله لا يكون بدون الرضوان فكانت هذه الدرجة أفضل من تلك وأما حديث عائشة رضي الله عنها فالصحيح من الروايات أسفار رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة الفجر لما روينا من حديث أبن مسعود رضي الله عنه فان ثبت التغليس في وقت فلعذر الخروج إلى سفر أو كان ذلك في الابتداء حين كن النساء يحضرن الجماعات ثم لما أمرن بالقرار في البيوت انتسخ ذلك والله أعلم وأما في الظهر فالمستحب هو آخر الوقت في الصيف وأوله في الشتاء وقال الشافعي إن كان يصلى وحده يعجل في كل وقت وإن كان يصلى بالجماعة يؤخر يسيرا لما ذكرنا وروى عن خباب بن الأرت أنه قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا واكفنا فلم يشكنا فدل أن السنة في التعجيل (ولنا) ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أبرد وبالظهر فان شدة الحر من فيح جهنم ولان التعجيل في الصيف لا يخلو عن أحد أمرين اما تقليل الجماعة لاشتغال الناس بالقيلولة واما الاضرار بهم لتأذيهم بالحر وقد انعدم هذان المعنيان في الشتاء فيعتبر فيه معنى المسارعة إلى الخير وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ رضي الله عنه حين وجهه إلى اليمن إذا كان الصيف فابرد بالظهر فان الناس يقيلون فأمهلهم حتى يدركوا وإذا كان الشتاء فصل الظهر حين تزول الشمس فان الليالي طوال وتأويل حديث خباب انهم طلبوا ترك الجماعة أصلا فلم يشكهم لهذا على أن معنى قوله فلم يشكنا أي لم يدعنا في الشكاية بل أزال شكوانا بأن أبرد بها والله أعلم (وأما) العصر فالمستحب فيها هو التأخير ما دامت الشمس بيضاء نقية لم يدخلها تغيير في الشتاء والصيف جميعا وعند الشافعي التعجيل أفضل لما ذكرنا وروى عن عائشة رضي الله عنها انها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى العصر والشمس طالعة في حجرتي وعن أنس بن مالك رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى العصر فيذهب الذاهب إلى العوالي وينحر الجزور ويطبخ القدور ويأكل قبل غروب الشمس (ولنا) ما روى عن عبد الله بن مسعود أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى العصر والشمس بيضاء نقية وهذا منه بيان تأخيره للعصر وقيل سميت العصر لأنها تعصر أي تؤخر ولان في التأخير تكثير النوافل لان النافلة بعدها مكروهة فكان التأخير أفضل ولهذا
(١٢٥)