النهار وزلفا من الليل وقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا وقوله تعالى فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار فهذه الآيات تشتمل على بيان فرضية هذه الصلوات وبيان أصل أوقاتها لما بينا فيما تقدم والله أعلم (وأما) بيان حدودها بأوائلها وأواخرها فإنما عرف بالاخبار أما الفجر فأول وقت صلاة الفجر حين يطلع الفجر الثاني وآخره حين تطلع الشمس لما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن للصلاة أولا وآخرا وان أول وقت الفجر حين يطلع الفجر وآخره حين تطلع الشمس والتقييد بالفجر الثاني لان الفجر الأول هو البياض المستطيل يبدو في ناحية من السماء وهو المسمى بذنب السرحان عند العرب ثم ينكتم ولهذا يسمى فجرا كاذبا لأنه يبدو نوره ثم يخلف ويعقبه الظلام وهذا الفجر لا يحرم به الطعام والشراب على الصائمين ولا يخرج به وقت العشاء ولا يدخل به وقت صلاة الفجر والفجر الثاني وهو المستطير المعترض في الأفق لا يزال يزداد نوره حتى تطلع الشمس يسمى هذا فجرا صادقا لأنه إذا بدا نوره ينتشر في الأفق ولا يخلف وهذا الفجر يحرم به الطعام والشراب على الصائم ويخرج به وقت العشاء ويدخل به وقت صلاة الفجر وهكذا روى عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الفجر فجر ان فجر مستطيل يحل به الطعام وتحرم فيه الصلاة وفجر مستطير يحرم به الطعام وتحل فيه الصلاة وبه تبين أن المراد من الفجر المذكور في حديث أبي هريرة رضي الله عنه هو الفجر الثاني لا الأول وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يغرنكم اذان بلال ولا الفجر المستطيل لكن الفجر المستطير في الأفق وروى لا يغرنكم الفجر المستطيل ولكن كلوا واشربوا حتى يطلع الفجر المستطير أي المنتشر في الأفق وقال الفجر هكذا ومد يده عرضا لا هكذا ومد يده طولا ولان المستطيل ليل في الحقيقة لنعقب الظلام إياه وروى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقت الفجر ما لم تطلع الشمس وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها فدل الحديثان أيضا على أن آخر وقت الفجر حين تطلع الشمس (وأما) أول وقت الظهر فحين تزول الشمس بلا خلاف لما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أول وقت الظهر حين تزول الشمس وأما آخره فلم يذكر في ظاهر الرواية نصا واختلفت الرواية عن أبي حنيفة روى محمد عنه إذا صار ظل كل شئ مثله سوى فئ الزوال والمذكور في الأصل ولا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل قامتين ولم يتعرض لآخر وقت الظهر وروى الحسن عن أبي حنيفة أن آخر وقتها إذا صار ظل كل شئ مثله سوى فئ الزوال وهو قول أبى يوسف ومحمد وزفر والحسن والشافعي وروى أسد بن عمر وعنه إذا صار ظل كل شئ مثله سوى فئ الزوال خرج وقت الظهر ولا يدخل وقت العصر ما لم يصر ظل كل شئ مثليه فعلى هذه الرواية يكون بين وقت الظهر والعصر وقت مهمل كما بين الفجر والظهر والصحيح رواية محمد عنه فإنه روى في خبر أبي هريرة وآخر وقت الظهر حين يدخل وقت العصر وهذا ينفى الوقت المهمل ثم لابد من معرفة زوال الشمس روى عن محمد أنه قال حد الزوال أن يقوم الرجل مستقبل القبلة فإذا مالت الشمس عن يساره فهو الزوال وأصح ما قيل في معرفة الزوال قول محمد بن شجاع البلخي انه يغرز عودا مستويا في أرض مستوية ويجعل على مبلغ الظل منه علامة فما دام الظل ينتقص من الخط فهو قبل الزوال فإذا وقف لا يزداد ولا ينتقص فهو ساعة الزوال وإذا أخذ الظل في الزيادة فالشمس قد زالت وإذا أردت معرفة فئ الزوال فخط على رأس موضع الزيادة خطا فيكون من رأس الخط إلى العود فئ الزوال فإذا صار ظل العود مثليه من رأس الخط لا من العود خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر عند أبي حنيفة وإذا صار ظل العود مثله من رأس الخط خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر عندهم وجه قولهم حديث امامة جبريل عليه السلام فإنه روى عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال أمنى جبريل عند البيت مرتين فصلى بي الظهر في اليوم الأول حين زالت الشمس وصلى بي العصر حين صار ظل كل شئ مثله وصلى بي المغرب حين غربت الشمس وصلى بن العشاء حين غاب الشفق وصلى بي الفجر حين طلع الفجر الثاني وصلى بي الظهر
(١٢٢)