يصلى التطوع تكفيه نية الصلاة لأنه ليس لصلاة التطوع صفة زائدة على أصل الصلاة ليحتاج إلى أن ينو بها فكان شرط النية فيها لتصير لله تعالى وانها تصير لله تعالى بنية مطلق الصلاة ولهذا يتأدى صوم النفل خارج رمضان بمطلق النية وإن كان يصلى الفرض لا يكفيه نية مطلق الصلاة لان الفرضية صفة زائدة على أصل الصلاة فلا بد وأن ينويها فينوي فرض الوقت أو ظهر الوقت أو نحو ذلك ولا تكفيه نية مطلق الفرض لان غيرها من الصلوات المفروضة مشروعة في الوقت فلا بد من التعيين وقال بعضهم تكفيه نية الظهر والعصر لان ظهر الوقت هو المشروع الأصلي فيه وغيره عارض فعند الاطلاق ينصرف إلى ما هو الأصل كمطلق اسم الدرهم انه ينصرف إلى نقد البلد والأول أحوط وحكى عن الشافعي انه يحتاج مع نية ظهر الوقت إلى نية الفرض وهذا بعيد لأنه إذا نوى الظهر فقد نوى الفرض إذا الظهر لا يكون الا فرضا وكذا ينبغي أن ينوى صلاة الجمعة وصلاة العيدين وصلاة الجنازة وصلاة الوتر لان التعيين يحصل بهذا وإن كان اماما فكذلك الجواب لأنه منفرد فينوي ما ينوى المنفرد وهل يحتاج إلى نية الإمامة أمانية امامة الرجال فلا يحتاج إليها ويصح اقتداؤهم به بدون نية امامتهم وأما نية امامة النساء فشرط لصحة اقتدائهن به عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر ليس بشرط حتى لو لم ينو لم يصح اقتداؤهن به عندنا خلافا لزفر قاس امامة النساء بامامة الرجال وهناك النية ليست بشرط كذا هذا وهذا القياس غير سديد لان المعنى يوجب الفرض بينهما وهو انه لو صح اقتداء المرأة بالرجل فربما تحاذيه فتفسد صلاته فيلحقه الضرر من غير اختياره فشرط نية اقتدائها به حتى لا يلزمه الضرر من غير التزامه ورضاه وهذا المعنى منعدم في جانب الرجال ولأنه مأمور بأداء الصلاة فلا بد من أن يكون متمكنا من صيانتها عن النواقض ولو صح اقتداؤها به من غير نية لم يتمكن من الصيانة لأن المرأة تأتى فتقتدى به ثم تحاذيه فتفسد صلاته وأما في الجمعة والعيدين فأكثر مشايخنا قالوا إن نية إمامتهن شرط فيهما ومنهم من قال ليست بشرط لأنها لو شرطت للحقها الضرر لأنها لا تقدر على أداء الجمعة والعيدين وحدها ولا تجد اماما آخر تقتدي به والظاهر أنها لا تتمكن من الوقوف بجنب الامام في هاتين الصلاتين لازدحام الناس فصح اقتداؤها لدفع الضرر عنها بخلاف سائر الصلوات وإن كان مقتديا فإنه يحتاج إلى ما يحتاج إليه المنفرد ويحتاج لزيادة نية الاقتداء بالامام لأنه ربما يلحقه الضرر بالاقتداء فتفسد صلاته بفساد صلاة الامام فشرط نية الاقتداء حتى يكون لزوم الضرر مضافا إلى التزامه ثم تفسير نية الاقتداء بالامام هو أن ينوى فرض الوقت والاقتداء بالامام فيه أو ينوى الشروع في صلاة الامام أو ينوى الاقتداء بالامام في صلاته ولو نوى الاقتداء بالامام ولم يعين صلاة الامام ولا نوى فرض الوقت هل يجزيه عن الفرض اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يجزيه لان اقتداءه به يصح في الفرض والنفل جميعا فلا بد من التعيين مع أن النفل أدناهما فعند الاطلاق ينصرف إلى الأدنى ما لم يعين الا على وقال بعضهم يجزيه لان الاقتداء عبارة عن المتابعة والشركة فيقتضى المساواة ولا مساواة الا إذا كانت صلاته مثل صلاة الامام فعند الاطلاق ينصرف إلى الفرض الا إذا نوى الاقتداء به في النفل ولو نوى صلاة الامام ولم ينو الاقتداء به لم يصح الاقتداء به لأنه نوى أن يصلى مثل صلاة الامام وذلك قد يكون بطريق الانفراد وقد يكون بطريق التبعية للامام فلا تتعين جهة التبعية بدون النية من مشايخنا من قال إذا انتظر تكبير الامام ثم كبر بعده كفاه عن نية الاقتداء لان انتظاره تكبيرة الامام قصد منه الاقتداء به وهو تفسير النية وهذا غير سديد لان الانتظار متردد قد يكون لقصد الاقتداء وقد يكون بحكم العادة فلا يصير مقتديا بالشك والاحتمال ولو اقتدى بامام ينوى صلاته ولم يدر انها الظهر أو الجمعة أجزأه أيهما كان لأنه بنى صلاته على صلاة الامام وذلك معلوم عند الامام والعلم في حق الأصل يغنى عن العلم في حق التبع والأصل فيه ما روى أن عليا وأبا موسى الأشعري رضي الله عنهما قدما من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فقال صلى الله عليه وسلم بم أهللتما فقالا باهلال كاهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوز ذلك لهما وان لم يكن معلوما وقت الاهلال فإن لم ينو صلاة الامام ولكنه نوى الظهر والاقتداء فإذا هي جمعة فصلاته فاسدة لأنه نوى غير صلاة الامام وتغاير الفرضين يمنع
(١٢٨)