الله وقيل ثمة رضاء الله وقيل ثمة وجه الله الذي وجهكم إليه إذا لم يجئ منكم التقصير في طلب القبلة وأضاف التوجه إلى نفسه لأنهم وقعوا في ذلك بفعل الله تعالى بغير تقصير كان منهم في الطلب ونظيره قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن أكل ناسيا لصومه ثم على صومك فإنما أطعمك الله وسقاك وان وجد الاكل من الصائم حقيقة لكن لما لم يكن قاصدا فيه أضاف فعله إلى الله تعالى وصيره معذورا كأنه لم يأكل كذلك ههنا إذا كان توجهه إلى هذه الجهة من غير قصد منه حيث أتى بجميع ما في وسعه وامكانه أضاف الرب سبحانه وتعالى ذلك إلى ذاته وجعله معذورا كأنه توجه إلى القبلة (وأما) المعقول فما ذكرنا أنه لا سبيل له إلى إصابة عين الكعبة ولا إلى إصابة جهتها في هذه الحالة لعدم الدلائل الموصلة إليها والكلام فيه والتكليف بالصلاة متوجه وتكليف ما لا يحتمله الوسع ممتنع وليس في وسعه الا الصلاة إلى جهة التحري فتعينت هذه قبلة له شرعا في هذه الحالة فنزلت هذه الجهة حالة العجز منزلة عين الكعبة والمحراب حالة القدرة وإنما عرف التحري شرطا نصا بخلاف القياس لا لإصابة القبلة وبه تبين أنه ما أخطأ قبلته لان قبلته جهة التحري وقد صلى إليها بخلاف مسألة الثوب لان الشرط هناك هو الصلاة بالثوب الطاهر حقيقة لكنه أمر بإصابته بالتحري فإذا لم يصب انعدم الشرط فلم يجز أما ههنا فالشرط استقبال القبلة وقبلته هذه في هذه الحالة وقد استقبلها فهو الفرق والله أعلم ويخرج على ما ذكرنا الصلاة بمكة خارج الكعبة أنه إن كان في حال مشاهدة الكعبة لا تجوز صلاته الا إلى عين الكعبة لان قبلته حالة المشاهدة عين الكعبة بالنص ويجوز إلى أي الجهات من الكعبة شاء بعد إن كان مستقبلا لجزء منها لوجود تولية الوجه شطر الكعبة فان صلى منحرفا عن الكعبة غير مواجه لشئ منها لم يجز لأنه ترك التوجه إلى قبلته مع القدرة عليه وشرائط الصلاة لا تسقط من غير عذر (ثم) ان صلوا بجماعة لا يخلوا ما ان صلوا متحلقين حول الكعبة صفا بعد صف واما ان صلوا إلى جهة واحدة منها مصطفين فان صلوا إلى جهة واحدة جازت صلاتهم إذا كان كل واحد منهم مستقبلا جزأ من الكعبة ولا يجوز لهم أن يصطفوا زيادة على حائط الكعبة ولو فعلوا ذلك لا تجوز صلاة من جاوز الحائط لان الواجب حالة المشاهدة استقبال عينها وان صلوا حول الكعبة متحلقين جاز لان الصلاة بمكة تؤدى هكذا من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا والأفضل للامام أن يقف في مقام إبراهيم صلوات الله عليه ثم صلاة الكل جائزة سواء كانوا أقرب إلى الكعبة من الامام أو أبعد الا صلاة من كان أقرب إلى الكعبة من الامام في الجهة التي يصلى الامام إليها بأن كان متقدما على الامام بحذائه فيكون ظهره إلى وجه الامام أو كان على يمين الامام أو يساره متقدما عليه من تلك الجهة ويكون ظهره إلى الصف الذي مع الامام ووجهه إلى الكعبة لأنه إذا كان متقدما على امامه لا يكون تابعا له فلا يصح اقتداؤه به بخلاف ما إذا كان أقرب إلى الكعبة من الامام من غير الجهة التي يصلى إليها الامام لأنه في حكم المقابل للامام والمقابل لغيره يصلح أن يكون تابعا بخلاف المتقدم عليه وعلى هذا إذا قامت امرأة بجنب الامام في الجهة التي يصلى إليها الامام ونوى الامام امامتها فسدت صلاة الامام لوجود المحاذاة في صلاة مطلقة مشتركة وفسدت صلاة القوم بفساد صلاة الامام ولو قامت في الصف في غير جهة الامام لا تفسد صلاة الامام لأنها في الحكم كأنها خلف الامام وفسدت صلاة من على يمينها ويسارها ومن كان خلفها على ما يذكر في موضعه ولو كانت الكعبة منهدمة فتحلق الناس حول أرض الكعبة وصلوا هكذا أو صلى منفردا متوجها إلى جزء منها جاز وقال الشافعي لا يجوز الا إذا كان بين يديه سترة وجه قوله أن الواجب استقبال البيت والبيت اسم للبقعة والبناء جميعا الا إذا كان بين يديه سترة لأنها من توابع البيت فيكون مستقبلا لجزء من البيت معنى (ولنا) اجماع الأمة فان الناس كانوا يصلون إلى البقعة حين رفع البناء في عهد ابن الزبير حين بنى البيت على قواعد الخليل صلوات الله عليه وفى عهد الحجاج حين أعاده إلى ما كان عليه في الجاهلية وكانت صلاتهم مقضية بالجواز وبه تبين أن الكعبة اسم للبقعة سواء كان ثمة بناء أو لم يكن وقد وجد التوجه إليها الا أنه يكره ترك اتخاذ السترة لما فيه من استقبال الصورة الصورة
(١٢٠)