لأنه لو جعل وقتا لهن لخرج من أن يكون وقتا للوقتية لاستيعاب تلك الفوائت هذا الوقت وفيه ابطال العمل بالدليل المقطوع به بخبر الواحد على ما بينا فبقي وقتا للوقتية فإذا أداها حكم بجوازها لحصولها في وقتها بخلاف ما إذا كانت المؤديات بعد المتروكة خمسا لان هناك أمكن ان يجعل الوقت وقفا للفائتة على وجه لا يخرج من أن يكون وقتا للوقتية فيجعل عملا بالدليلين ثم إذا صلى السابعة تعود المؤديات الخمس إلى الجواز في قول أبي حنيفة وعليه قضاء الفائتة وحدها استحسانا وعلى قولهما عليه قضاء الفائتة وخمس صلوات بعدها وهو القياس وعلى هذا إذا ترك خمس صلوات ثم صلى السادسة وهو ذاكر للفوائت فالسادسة موقوفة عند أبي حنيفة حتى لو صلى السابعة تنقلب السادسة إلى الجواز عنده وعليه قضاء الخمس وعندهما لا تنقلب وعليه قضاء الست وكذلك لو ترك صلاة ثم صلى شهرا وهو ذكر للفائتة فعليه قضاؤها لا غير عند أبي حنيفة وعندهما عليه قضاء الفائتة وخمس بعدها الا على قياس ما روى عن محمد ان عليه قضاء الفائتة وأربع بعدها وعلى قول زفر يعيد الفائتة وجميع ما صلى بعدها من صلاة الشهر وهذه المسألة التي يقال لها واحدة تصحح خمسا وواحدة تفسد خمسا لأنه ان صلى السادسة قبل القضاء صح الخمس عند أبي حنيفة وان قضى المتروكة قبل أن يصلى السادسة فسدت الخمس وجه قولهما أن كل مؤداة إلى الخمس حصلت في وقت المتروكة لأنه يمكن جعل ذلك الوقت وقتا للمتروكة لكون المتروكة في حد القلة ووقت المتروكة قبل وقت هذه المؤداة فحصلت المؤداة قبل وقتها ففسدت فلا معنى بعد ذلك للحكم بجوازها ولا للحكم بتوقفها للحال (وأما) وجه قول أبي حنيفة فقد اختلف فيه عبارات المشايخ قال مشايخ بلخ انا وجدنا صلاة بعد المتروكة جائزة وهي السادسة وقد أداها على نقص التركيب وترك التأليف فكذا يحكم بجواز ما قبلها وان أداها على ترك التأليف ونقص التركيب وهذه نكتة واهية لأنه جمع بين السادسة وبين ما قبلها في الجواز من غير جامع بينهما بل مع قيام المعنى المفرق لما ذكرنا أن وقت السادسة ليس بوقت للمتروكة على ما قررنا ووقت كل صلاة مؤداة قبل السادسة وقت للمتروكة فكان أداء السادسة أداء في وقتها فجازت وأداء كل مؤداة أداء قبل وقتها فلم تجز (وقال) مشايخ العراق ان الكثرة علة سقوط الترتيب فإذا أدى السادسة فقد تثبت الكثرة وهي صفة للكل لا محالة فاستندت إلى أول المؤديات فتستند لحكمها فيثبت الجواز للكل وهذه نكتة ضعيفة أيضا لان الكثرة وان صارت صفة للكل لكنها نثبت للحال الا أن يتبين أن أول المؤديات كما أديت تثبت لها صفة الكثرة قبل وجود ما يتعقبها لاستحالة كثرة الوجود بما هو في حيز العدم بعد ولو اتصفت هي بالكثرة ولا تتصف الذات بها وحدها لاستحالة كون الواحد كثيرا بما يتعقبها من المؤديات وتلك معدومة فيؤدى إلى اتصاف المعدوم بالكثرة وهو محال فدل أن صفة الكثرة تثبت للكل مقتصرا على وجود الأخيرة منها كما إذا خلق الله تعالى جوهرا واحدا لم يتصف بكونه مجتمعا فلو خلق منضما إليه جوهرا آخر لا يطلق اسم المجتمع علي كل واحدا منهما مقتصرا على الحال لما بينا فكذا هذا على أنا ان سلمنا هذه الدعوى الممتنعة على طريق المساهلة فلا حجة لهم فيها أيضا لان المؤداة الأولى وان اتصفت بالكثرة من وقت وجودها لكن لا ينبغي أن يحكم بجوازها وسقوط الترتيب لان سقوط الترتيب كان متعلقا لمعنى وهو استيعاب الفوائت وقت الصلاة وتفويت الوقتية عن وقتها عند وجوب مراعاة الترتيب فلم تجب المراعاة لئلا يؤدى إلى ابطال ما ثبت بالدليل المقطوع به بما ثبت بخبر الواحد وهذا المعنى منعدم في المؤديات الخمس وان اتصفت بالكثرة ولان هذا يؤدى إلى الدور فان الجواز وسقوط الترتيب بسبب صفة كثرة الفوائت ومتى حكم بالجواز لم تبق كثرة الفوائت فيجئ الترتيب ومتى جاء الترتيب جاء الفساد فلا يمكن القول بالجواز فثبت أن الوجهين غير صحيحين والوجه الصحيح لتصحيح مذهب أبي حنيفة ما ذكره الشيخ الإمام أبو المعين وهو أن أداء السادسة من المؤديات حصل في وقت هو وقتها بالدلائل أجمع وليس بوقت للفائتة بوجه من الوجوه لما ذكرنا ان في جعل هذا الوقت وقتا للفائتة ابطال العمل بالدليل المقطوع به فسقط العمل بخبر الواحد أصلا وانتهى ما هو وقت الفائتة فإذا قضيت الفائتة بعد
(١٣٦)