صحة الاقتداء على ما نذكر ولو نوى صلاة الامام والجمعة فإذا هي الظهر جازت صلاته لأنه لما نوى صلاة الامام فقد تحقق البناء فلا يعتبر ما زاد عليه بعد ذلك كمن نوى الاقتداء بهذا الامام وعنده انه زيد فإذا هو عمر وكان اقتداؤه صحيحا بخلاف ما إذا نوى الاقتداء يزيد والامام عمر وثم المقتدى إذا وجد الامام في حال القيام يكبر للافتتاح قائما ثم يتابعه في القيام ويأتي بالثناء وان وجده في الركوع يكبر للافتتاح قائما ثم يكبر أخرى مع الانحطاط للركوع ويتابعه في الركوع ويأتي بتسبيحات الركوع وان وجده في القومة التي بين الركوع والسجود أو في القعدة التي بين السجدتين يتابعه في ذلك ويسكت ولا خلاف في أن المسبوق يتابع الامام في مقدار التشهد إلى قوله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وهل يتابعه في الزيادة عليه ذكر القدوري انه لا يتابعه عليه لان الدعاء مؤخر إلى القعدة الأخيرة وهذه قعدة أولى في حقه وروى إبراهيم بن رستم عن محمد أنه قال يدعو بالدعوات التي في القرآن وروى هشام عن محمد انه يدعو بالدعوات التي في القرآن ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم يسكت وعن هشام من ذات نفسه ومحمد بن شجاع البلخي انه يكرر التشهد إلى أن يسلم الامام لأن هذه قعدة أولى في حقه والزيادة على التشهد في القعدة الأولى غير مسنونة ولا معنى للسكوت في الصلاة الا الاستماع فينبغي أن يكرر التشهد مرة بعد أخرى (وأما) بيان وقت النية فقد ذكر الطحاوي انه يكبر تكبيرة الافتتاح مخالطا لنيته إياها أي مقارنا أشار إلى أن وقت النية وقت التكبير وهو عندنا محمول على الندب والاستحباب دون الختم والايجاب فان تقديم النية على التحريمة جائز عندنا إذا لم يوجد بينهما عمل يقطع أحدهما عن الآخر والقران ليس بشرط وعند الشافعي القران شرط (وجه) قوله إن الحاجة إلى النية لتحقيق معنى الاخلاص وذلك عند الشروع لا قبله فكانت النية قبل التكبير هدر أو هذا هو القياس في باب الصوم الا انه سقط القران هناك لمكان الحرج لان وقت الشروع في الصوم وقت غفلة ونوم ولا حرج في باب الصلاة فوجب اعتباره (ولنا) قول النبي صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنيات مطلقا عن شرط القران وقوله لكل امرئ ما نوى مطلقا أيضا وعنده لو تقدمت النية لا يكون له ما نوى وهذا خلاف النص ولان شرط القران لا يخلو عن الحرج فلا يشترط كما في باب الصوم فإذا قدم النية ولم يشتغل بعمل يقطع نيته يجزئه كذا روى عن أبي يوسف ومحمد فان محمدا ذكر في كتاب المناسك ان من خرج من بيته يريد الحج فاحرم ولم تحضره نية الحج عند الاحرام يجزئه وذكر في كتاب التحري ان من أخرج زكاة ماله يريد أن يتصدق به على الفقراء فدفع ولم تحضره نية عند الدفع أجزأه وذكر محمد بن شجاع البلخي في نوادره عن محمد في رجل توضأ يريد الصلاة فلم يشتغل بعمل آخر وشرع في الصلاة جازت صلاته وان عريته النية وقت الشروع وروى عن أبي يوسف فيمن خرج من منزله يريد الفرض في الجماعة فلما انتهى إلى الامام كبر ولم تحضره النية في تلك الساعة انه يجوز قال الكرخي ولا أعلم أحدا من أصحابنا خالف أبا يوسف في ذلك وذلك لأنه لما عزم على تحقيق ما نوى فهو على عزمه ونيته إلى أن يوجد القاطع ولم يوجد وبه تبين ان معنى الاخلاص يحصل بنية متقدمة لأنها موجودة وقت الشروع تقديرا على ما مر وعن محمد بن سملة انه إذا كان بحال لو سئل عن الشروع أي صلاة تصلى يمكنه الجواب على البديهة من غير تأمل يجزئه والا فلا وان نوى بعد التكبير لا يجوز الا ما روى الكرخي انه إذا نوى وقت الثناء يجوز لان الثناء من توابع التكبير وهذا فاسد لان سقوط القران لمكان الحرج والحرج يندفع بتقديم النية فلا ضرورة إلى التأخير ولو نوى بعد قوله الله قبل قوله أكبر لا يجوز لان الشروع يصح بقوله الله لما يذكر فكأنه نوى بعد التكبير واما نية الكعبة فقد روى الحسن عن أبي حنيفة أنها شرط لان التوجه إلى الكعبة هو الواجب في الأصل وقد عجز عنه بالبعد فينويها بقلبه والصحيح انه ليس بشرط لان قبلته حالة البعد جهة الكعبة وهي المحاريب لا عين الكعبة لما بينا فيما تقدم فلا حاجة إلى النية وقال بعضهم ان أتى به فحسن وان تركه لا يضره وان نوى مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام أو المسجد الحرام ولم ينو الكعبة لا يجوز لأنه ليس من الكعبة وعن الفقيه الجليل أبى أحمد العياضي انه سئل عمن نوى مقام إبراهيم عليه السلام فقال إن
(١٢٩)