فاقتدوا به في الثانية. ويطيل الامام القيام إلى لحوقهم، فإذا لحقوه، صلى بهم الثانية، فإذا جلس للتشهد قاموا وأتموا الثانية وهو ينتظرهم، فإذا لحقوه، سلم بهم. هذه رواية سهل بن أبي خيثمة (1) عن صلاة رسول الله (ص) (2).
وأما الثانية: فهي أن الامام إذا قام إلى الثانية، لا (3) يتم المقتدون به الصلاة، بل يذهبون إلى مكان إخوانهم وجاه العدو وهم في الصلاة فيقفون سكوتا، وتجئ تلك الطائفة فتصلي مع الامام ركعته الثانية. فإذا سلم، ذهبت إلى وجه العدو، وجاء الأولون إلى مكان الصلاة، وأتموا [لأنفسهم، وذهبوا إلى وجه العدو وجاءت الطائفة الأخرى إلى مكان الصلاة وأتموا] (4). وهذه رواية ابن عمر (5). ثم إن الشافعي رحمه الله، اختار الرواية الأولى لسلامتها من كثرة المخالفة، ولأنها أحوط لأمر الحرب. وللشافعي قول قديم: أنه إذا صلى الامام بالطائفة الثانية الركعة الثانية، تشهد بهم وسلم، ثم هم يقومون إلى تمام صلاتهم، كالمسبوق، وقول آخر: أنهم يقومون إذا بلغ الامام موضع السلام ولم يسلم بعد. وهل تصح الصلاة على صفة رواية ابن عمر؟ قولان. المشهور: الصحة، لصحة الحديث وعدم المعارض، ولا يصح قول الآخر: إنه منسوخ، فإن النسخ يحتاج إلى دليل. وإقامة الصلاة على الوجه المذكور ليست عزيمة لا بد منها، بل لو صلى بطائفة، وصلى غيره بالباقين، أو صلى بعضهم، أو كلهم منفردين، جاز قطعا، لكن كان أصحاب رسول الله (ص) لا يسمحون بترك فضيلة الجماعة، فأمر الله سبحانه وتعالى بترتبهم هكذا، لتحصل طائفة فضيلة التكبير معه، والأخرى فضيلة التسليم معه. وهذا النوع موضعه إذا كان العدو في غير جهة القبلة، أو فيها وبينهم وبين المسلمين حائل يمنع رؤيتهم لو هجموا.