الباب الرابع في التلفيق إذا انقطع دمها، فرأت يوما دما، ويوما نقاء. أو يومين، ويومين. فتارة، يجاوز التقطع خمسة عشر، وتارة لا يجاوزها. فإن لم يجاوزها، فقولان. أظهرهما عند الأكثرين: أن الجميع، حيض. ويسمى: قول السحب. والثاني: حيضها الدماء خاصة. وأما النقاء، فطهر. ويسمى: قول التلفيق. وعلى هذا القول: إنما نجعل النقاء طهرا، في الصوم، والصلاة، والغسل ونحوها دون العدة. والطلاق فيه بدعي. ثم القولان: إنما هما في النقاء الزائد على الفترة المعتادة. فأما الفترة المعتادة بين دفعتي الدم، فحيض بلا خلاف.
قال إمام الحرمين في الفرق بين الفترة والنقاء: دم الحيض يجتمع في الرحم، ثم الرحم يقطره شيئا فشيئا، فالفترة: ما بين ظهور دفعة، وانتهاء أخرى من الرحم إلى المنفذ. فما زاد على ذلك، فهو النقاء.
قال الرافعي: وربما تردد الناظر، في أن مطلق الزائد، هل يخرج عن الفترة، لان تلك مدة يسيرة؟
قلت: الصحيح المعتمد في الفرق، أن الفترة: هي الحالة التي ينقطع فيها جريان الدم، ويبقى أثر، بحيث لو أدخلت فرجها قطنة، لخرج عليها أثر الدم من حمرة، أو صفرة، أو كدرة، فهذه حالة حيض قطعا، طالت، أم قصرت.
والنقاء: أن يصير فرجها بحيث لو أدخلت القطنة، لخرجت بيضاء، فهذا الضبط، هو الذي ضبطه الإمام الشافعي رضي الله عنه (1) في (الام) والشيوخ الثلاثة: أبو حامد الأسفراييني، وصاحبه القاضي أبو الطيب، وصاحبه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في تعاليقهم. فلا مزيد عليه، ولا محيد عنه. والله أعلم.
ولا فرق في جريان القولين بين أن يستوي قدر الدم والنقاء، أو يزيد أحدهما لو رأت صفرة، أو كدرة بين سوادين، وقلنا: إنها في غير أيام العادة، ليست حيضا، فهي كالنقاء. وإذا قلنا بالسحب، فشرطه كون النقاء محتوشا بدمين في الخمسة عشر. فإن لم يقع بينهما، فهو طهر بلا خلاف.