استعماله القولان في تقابل الأصل والظاهر.
وهذا الذي ذكرناه في الشعر تفريع على نجاسته بالموت. فإن لم تنجسه، فرضت المسألة في غيره من الاجزاء.
فصل في الماء الجاري: هو ضربان: ماء الأنهار المعتدلة، وماء الأنهار العظيمة، أما الأول: فالنجاسة الواقعة فيه مائعة وجامدة، والمائعة: مغيرة وغيرها. فالمغيرة: تنجس المتغير. وحكم غيره معه كحكمه مع النجاسة الجامدة.
وغير المغيرة: إن كان عدم التغير للموافقة في الأوصاف، فحكمه ما سبق في الراكد. إن كان لقلة النجاسة وإمحاقها فيه، فظاهر المذهب، وقول الجمهور: أنه كالراكد. وإن كان قليلا ينجس. وإن كان كثيرا فلا. وقال الغزالي: هو طاهر (1) مطلقا، وفي القديم: لا ينجس الجاري إلا بالتغير.
[قلت: واختار جماعة الطهارة، منهم إمام الحرمين وصاحب (التهذيب)] (2). والله أعلم.
وأما النجاسة الجامدة، كالميتة، فإن غيرت الماء، نجسته، وإن لم تغيره، فتارة تقف، وتارة تجري مع الماء، فان جرت جرية (3)، فما قبلها وما بعدها طاهران. وما على يمينها وشمالها وفوقها وتحتها، إن وإن كان قليلا، فنجس، وإن كان قلتين، فقيل: طاهر، وقيل: على قولي التباعد.
وإن وقفت النجاسة، وجرى الماء عليها، فحكمه حكم الجارية، ويزيد ها هنا أن الجاري على النجاسة وهو قليل، ينجس بملاقاتها، ولا يجوز استعماله إلا أن يجتمع في موضع قلتان منه، وفيه وجه أنه إذا تباعد واغترف من موضع بينه وبين النجاسة قلتان، جاز استعماله، والصحيح الأول. وعليه يقال: ماء هو ألف قلة، نجس بلا تغير، فهذه صورته.
أما النهر العظيم، فلا يجتنب فيه شئ، ولا حريم النجاسة، ولا يجئ فيه