والثاني: أنه طاهر غير طهور، بشرط أن يكون المكاثر به مطهرا، وأن يكون أكثر من المورود عليه، وأن يورده على النجس، وأن لا يكون فيه نجاسة جامدة فإن اختل أحد هذه (1) الشروط، فنجس بلا خلاف. ولا يشترط شئ من هذه الشروط الأربعة فيما إذا كوثر فبلغ قلتين.
قلت: هذا الذي صححه هو الأصح، وعند الخراسانيين: وهو الأصح.
والأصح عند العراقيين: الثاني. والله أعلم.
والمعتبر في المكاثرة الضم والجمع، دون الخلط، حتى لو كان أحد البعضين صافيا، والآخر كدرا، وانضما، زالت النجاسة من غير توقف على الاختلاط المانع من التمييز. ومتى حكمنا بالطهارة في هذه الصور ففرق، لم يضر، وهو باق على طهوريته.
فرع: إذا وقع في الماء الكثير الراكد نجاسة جامدة، فقولان: أظهرهما وهو القديم، أنه يجوز الاغتراف من أي موضع شاء، ولا يجب التباعد لأنه طاهر كله.
والثاني: الجديد: يجب أن يبعد عن النجاسة بقدر قلتين، فعلى هذا لا يكفي في البحر التباعد بشبر نظرا إلى العمق، بل يتباعد قدرا لو حسب مثله في العمق وسائر الجوانب لبلغ قلتين. فلو كان الماء منبسطا بلا عمق، تباعد طولا وعرضا قدرا يبلغ قلتين في ذلك العمق.
وقال محمد بن يحيى (2): في هذه الصورة يجب أن يبعد إلى موضع يعلم أن النجاسة لم تنتشر إليه. أما إذا كان الماء قلتين فقط، فعلى الجديد: لا يجوز الاغتراف منه. وعلى القديم: يجوز على الأصح. ثم في المسألة الأولى يحتمل أن يكون الخلاف في جواز استعمال الماء عن (3) غير تباعد، مع القطع بطهارة الجميع، ويحتمل أن يكون في الاستعمال مبنيا على خلاف في نجاسته، وقد نقل