ساكتة عن تقييد المنع بما إذا وجد سواه سبيلا.
قلت: الصواب، أنه لا فرق بين وجود السبيل وعدمه. فحديث البخاري، صريح في المنع. ولم يرد شئ يخالفه، ولا في كتب المذهب لغير الامام ما يخالفه. وقال أصحابنا: ولا تبطل الصلاة بمرور شئ بين يدي المصلي، سواء مر رجل، أو امرأة، أو كلب، أو حمار، أو غير ذلك. وإذا صلى إلى سترة، فالسنة أن يجعلها مقابلة ليمينه، أو شماله، ولا يصمد لها. والله أعلم.
الشرط الثامن: الامساك عن الاكل. فلو أكل شيئا، وإن قل، بطلت صلاته. وفي وجه: لا تبطل بالقليل، وهو غلط. ولو كان بين أسنانه شئ فابتلعه، أو نزلت نخامة من رأسه فابتلعها عمدا، بطلت صلاته. فإن أكل مغلوبا، بأن جرى الريق بباقي الطعام، أو نزلت النخامة ولم يمكنه إمساكها، لم تبطل. وإن أكل ناسيا، أو جاهلا بالتحريم، فإن قل، لم تبطل. وإن كثر، بطلت على الأصح.
وتعرف القلة والكثرة بالعرف. ولو وصل شئ إلى جوفه بغير مضغ، وابتلاع، بأن وضع في فمه سكرة فذابت (1)، ونزلت إلى جوفه، بطلت صلاته على الأصح.
فعلى هذا، تبطل بكل ما يبطل الصوم.
واعلم أن المضغ وحده، فعل يبطل الكثير منه. وإن لم يصل شئ إلى الجوف، حتى لو كان يمضغ علكا، بطلت صلاته. وإن لم يمضغه، وكان جديدا يذوب، فهو كالسكرة. وإن كان مستعملا، لم تبطل صلاته، كما لو أمسك في فمه إجاصة (2).