وانتظروا في قيام الرابعة، وأتموا لأنفسهم، ثم صلى بالرابعة الرابعة، وانتظرهم في التشهد، فأتموا وسلم بهم، ففي جوازه قولان. أظهرهما: الجواز، فعلى هذا قال إمام الحرمين: شرطه الحاجة، فإن لم تكن حاجة، فهو كفعلهم في حال الاختيار.
وعلى هذا القول تكون الطائفة الرابعة، كالثانية في ذات الركعتين، فيعود الخلاف في أنهم يفارقونه قبل التشهد، أو يتشهدون معه، أو يقومون بعد سلام الامام إلى ما عليهم، وتتشهد الطائفة الثانية معه على الأصح. وعلى الثاني تفارقه قبل التشهد، وعلى هذا القول تصح صلاة الامام والطائفة الرابعة، وفي الطوائف الثلاث القولان فيمن فارق الامام بغير عذر. وأما إذا قلنا: لا يجوز ذلك، فصلاة الامام باطلة. قال جمهور الأصحاب: تبطل بالانتظار الواقع في الركعة الثالثة، وهو ظاهر نص الشافعي رحمه الله، وقال ابن سريج: بالواقع في الرابعة. فعلى قول الجمهور:
وجهان. أحدهما: تبطل بمعنى الطائفة الثانية. والثاني: بمعنى قدر ركعة من انتظاره الثاني. وأما صلاة المأمومين، فصلاة الطائفة الأولى والثانية صحيحة، لأنهم فارقوه قبل بطلان صلاته، وصلاة الرابعة باطلة، إن علمت بطلان صلاة الامام، وإلا فلا. والثالثة كالرابعة على قول الجمهور، وكالأولين على قول ابن سريج.
قلت: جزم الامام الرافعي بصحة صلاة الطائفة الأولى والثانية على هذا القول، وليس هو كذلك، بل فيهما القولان فيمن فارق بغير عذر، كما قلنا في الطوائف الثلاث على قول صحة صلاة الامام. وهذا لا بد منه، وصرح به جماعة من أصحابنا. وحكى القاضي أبو الطيب وصاحب (الشامل) وآخرون وجها ضعيفا أن المبطل للطائفة الرابعة أن تعلم أنه انتظار رابع وإن جهلت كونه مبطلا. والله أعلم.
ولو فرقهم في المغرب ثلاث فرق، وصلى بكل فرقة ركعة، وقلنا: لا يجوز ذلك، فصلاة جميع الطوائف صحيحة عند ابن سريج. وأما عند الجمهور، فتبطل الثالثة إن علموا بطلان صلاة الامام. وإذا اختصرت الرباعية، قلت (1): ففيها أربعة أقوال. أظهرها: صحة صلاة الامام والقوم جميعا. والثاني: صحة صلاة الامام، والطائفة الرابعة فقط. والثالث: بطلان صلاة الامام وصحة صلاة الطائفة الأولى