جماعة، وإنما ذكرته لأبين بطلانه. قال صاحب (الحاوي): قال الشافعي رحمه الله: لو أن رفقة في سفر مات أحدهم فلم يدفنوه، نظر، إن كان بطريق يخترقه (1) المارة، أو بقرب قرية للمسلمين، فقد أساؤوا، وعلى من بقربه من المسلمين دفنه. وإن كان بصحراء، أو موضع لا يمر به أحد، أثموا وعلى السلطان معاقبتهم، إلا أن يخافوا - لو اشتغلوا به - عدوا، فيختار أن يواروه ما أمكنهم. فإن تركوه، لم يأثموا، لأنه موضع ضرورة. قال الشافعي: لو أن مجتازين مروا بميت في صحراء، لزمهم القيام به رجلا كان أو امرأة. فإن تركوه أثموا. ثم إن كان بثيابه ليس عليه أثر غسل ولا تكفين، وجب عليهم غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه. وإن كان عليه أثر الغسل والكفن والحنوط، دفنوه. فإن أرادوا الصلاة عليه، صلوا بعد دفنه على قبره، لأن الظاهر أنه صلي عليه [وقد ألحقت في هذا الباب أشياء كثيرة، وبقيت منها نفائس ومتممات استقصيتها في (شرح المهذب) تركتها لكثرة الإطالة] (2). والله أعلم.
باب التعزية هي سنة، ويكره الجلوس لها (3). ويستحب أن يعزي جميع أهل الميت، الكبير والصغير، والرجل والمرأة، لكن لا يعزي الشابة إلا محارمها، وسواء في أصل شرعيتها، ما قبل الصلاة والدفن، وبعدهما، لكن تأخيرها إلى ما بعد الدفن أحسن، لاشتغال أهل الميت بتجهيزه.
قلت: قال أصحابنا: إلا أن يرى من أهل الميت جزعا شديدا، فيختار تقديم