السادس: رفع الصوت، فلو خطب سرا بحيث لم يسمع غيره، لم تحسب على الصحيح المعروف. وفي وجه: تحسب وهو غلط. فعلى الصحيح، الشرط أن يسمع أربعين من أهل الكمال. فلو رفع صوته قدر ما يبلغ، ولكن كانوا كلهم أو بعضهم صما، فوجهان. الصحيح: لا تصح، كما لو بعدوا. والثاني: تصح، كما لو حلف لا يكلم فلانا، فكلمه بحيث يسمع، فلم يسمع لصممه، حنث (1)، وكما لو سمعوا الخطبة، ولم يفهموا معناها، فإنها تصح. وينبغي للقوم أن يقبلوا بوجوههم إلى الامام، وينصتوا، ويسمعوا (2). والانصات: هو السكوت.
والاستماع: هو شغل السمع بالسماع. وهل الانصات فرض، والكلام حرام؟ فيه قولان. القديم و (الاملاء): وجوب الانصات، وتحريم الكلام. والجديد: أنه سنة، والكلام ليس بحرام. وقيل: يجب الانصات قطعا. والجمهور أثبتوا القولين. وهل يحرم الكلام على الخطيب؟ فيه طريقان. المذهب: لا يحرم قطعا. والثاني: على القولين. ثم جميع هذا الخلاف في الكلام الذي لا يتعلق به غرض مهم ناجز. فأما إذا رأى أعمى يقع في بئر، أو عقربا تدب على إنسان، فأنذره، أو علم إنسانا شيئا من الخير، أو نهاه عن منكر، فهذا ليس بحرام بلا خلاف. نص عليه الشافعي رحمه الله، واتفق الأصحاب على التصريح به. لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة، ولا يتكلم ما أمكن الاستغناء عنه. هذا كله في الكلام في أثناء الخطبة. ويجوز الكلام قبل ابتداء الامام بالخطبة، وبعد الفراغ منهما. فأما في الجلوس بين الخطبتين، فطريقان، قطع صاحب (المهذب) والغزالي، بالجواز. وأجرى المحاملي، وابن الصباغ، وآخرون فيه الخلاف.