وجهان. أصحهما: نعم، صححه إمام الحرمين، والغزالي، وقطع به في (التتمة). والثاني: لا، وقطع به في (التهذيب) وحيث حكمنا بأنه لا يترخص إذا عاد، فلو نوى العود ولم يعد بعد، لم يترخص، وصار بالنية مقيما، ولا فرق بين حالتي الرجوع والحصول في البلدة، في الترخص وعدمه. هذا كله إذا لم يكن من موضع الرجوع إلى الوطن، مسافة القصر. فإن كانت، فهو مسافر مستأنف فيترخص.
فصل في انتهاء السفر الذي يقطع الترخص ويحصل بأمور:
الأول: العود إلى الوطن، والضبط فيه: أن يعود إلى الموضع الذي شرطنا مفارقته في إنشاء السفر منه.
وفي معنى الوطن: الوصول إلى الموضع الذي يسافر إليه إذا عزم على الإقامة فيه القدر المانع من الترخص، فلو لم ينو الإقامة به ذلك القدر، لم ينته سفره بالوصول إليه على الأظهر. ولو حصل في طريقه في قرية، أو بلدة له بها أهل وعشيرة، فهل ينتهي سفره بدخولها؟ قولان. أظهرهما: لا. ولو مر في طريق سفره بوطنه، بأن خرج من مكة إلى مسافة القصر، ونوى أنه إذا رجع إلى مكة، خرج إلى موضع آخر من غير إقامة، فالمذهب الذي قطع به الجمهور: أنه يصير مقيما بدخولها. وقال الصيدلاني وغيره: فيه القولان، كبلد أهله. فعلى أحدهما: العود إلى الوطن لا يوجب انتهاء السفر، إلا إذا كان عازما على الإقامة.
الأمر الثاني: نية الإقامة. فإذا نوى في طريقه الإقامة مطلقا، انقطع سفره، فلا يقصر. فلو أنشأ السير بعد ذلك، فهو سفر جديد، فلا يقصر إلا إذا توجه إلى مرحلتين. هذا إذا نوى الإقامة في موضع يصلح لها من بلدة، أو قرية، أو واد يمكن البدوي النزول فيه للإقامة. فأما المفازة ونحوها، ففي انقطاع السفر بنية الإقامة فيها قولان. أظهرهما عند الجمهور: انقطاعه. ولو نوى إقامة ثلاثة أيام فأقل، لم يصر مقيما قطعا وإن نوى أكثر من ثلاثة، قال الشافعي وجمهور الأصحاب: إن نوى إقامة أربعة أيام، صار مقيما. وذلك يقتضي أن نية دون الأربعة لا تقطع السفر وإن زاد على ثلاثة، وقد صرح به كثيرون، واختلفوا في أن الأربعة كيف تحسب؟ على وجهين في (التهذيب) وغيره، أحدهما: يحسب منها يوما الدخول والخروج، كما