على وجهين (أحدهما) لا اجر له كمذهبنا (والثاني) له أجر الزائد لأنهما اتفقا على حمله على سبيل الإجارة فجرى مجرى المعاطاة في البيع ودخول الحمام من غير تقدير اجره. قالوا وان كاله المكرى وحمله المكترى على الدابة عالما بذلك من غير أن يأمر بحمله عليها فعليه اجر القفيز الزائد. وان امره ففي وجوب الاجر وجهان عندهم.
(فرع) قال النووي (رض): وللمكترى استيفاء المنفعة بنفسه وبغيره.
قلت: وينبغي أن يكون غيره أمينا، فلو شرط المكرى استيفاء المنفعة بنفسه بطل العقد، لان المكترى يملك المنفعة فلا ينازعه فيها المكرى، ومثله كمثل من يشترط على المشترى الا يبيع ما اشتراه، وله ان يركب ويسكن من هو مثله في الضرر اللاحق بالعين ودونه بالأولى، لان ذلك استيفاء للمنفعة المستحقة من غير زيادة، ولا يسكن حدادا ولا قصارا لما يحدثه القصار من الدق والازعاج وتأثير الدق في المبنى والازعاج للجار.
قال الرملي: الا إذا قال: لتسكن من شئت كازرع ما شئت، ونظر فيه الأذرعي فقال إن مثل ذلك يقصد به التوسعة دون الاذن في الاضرار، وقد رد الرملي بان الأصل خلافه، كما لا يجوز ابدال ركوب بحمل ويجوز عكسه، وان قال أهل الخبرة لا يتفاوت الضرر. وبهذا قال احمد وأصحاب الرأي قال الشافعي مقررا: وهم يزعمون أن رجلا لو تكارى من رجل بيتا لم يكن له ان يعمل فيه رحى ولا قصارة ولا عمل حدادين لان هذا مضر بالبناء، فأن عمل هذا فانهدم البيت فهو ضامن لقيمة البيت، وان سلم البيت فله اجره.
ويزعمون أن من تكارى قميصا فليس له ان يأتزر به، لان القميص لا يلبس هكذا، فان فعل فتخرق ضمن قيمة القميص، وان سلم كان له اجره، ويزعمون انه لو تكارى قبة لينصبها فنصبها في شمس أو مطر فقد تعدى لاضرار ذلك بها.
فان عطبت ضمن وان سلمت فعليه اجرها مع أشياء من هذا الضرب يكتفى بأقلها حتى يستدل على أنهم قد تركوا ما قالوا ودخلوا فيما عابوا مما مضت به الآثار، ومما فيه صلاح الناس. اه