ولأنه متعد فلرب الدابة منعه من سلوك تلك الطريق. وان اكترى لحمل القطن فحمل بوزنه حديدا أو حديدا فحمل بوزنه قطنا فالصحيح أن عليه أجر المثل لان ضرر أحدهما مخالف لضرر الآخر، فلم يتحقق كون المحمول مشتملا على المستحق بعقد الإجارة وزيادة عليه، فإذا أكراه لحمل قفيزين فحملها فوجدهما ثلاثة، فإن كان المكترى تولى الكيل ولم يعلم المكرى بذلك رطل حنطة فحمل مائة شعيرا أو عكس ذلك لاجتماعهما بسبب ثقلها في محل واحد، وهو لخفته يأخذ من ظهر الدابة أكثر، فضررهما مختلف، وكذا كل مختلفي الضرر كما قلنا في الحديد والقطن.
فلو اكترى لعشرة أقفزة شعير فحمل عشرة أقفزة حنطة لأنها أثقل دون عكسه بأن اكتراه لحمل عشرة أقفزة حنطة فحمل عشرة أقفزة شعيرا من غير زيادة أصلا فلا ضمان عليه لاتحاد جرمهما باتحاد كيلهما مع كون الشعير أخف، فلو اكترى لحمل مائة فحمل مائة وعشرة لزمه مع المسمى أجرة المثل للزيادة لتعديه، وان تلفت بذلك المحمول أو بسبب آخر ضمنها ضمان يد إن لم يكن صاحبها معها لكونه غاضبا لها بحمل الزيادة.
فإن كان صاحبها معا وتلفت بسبب الحمل دون غيره إذ ضمانها ضمان جناية لا سيما ومالكها معها ضمن قسط الزيادة فقط لاختصاص يده بها، ولهذا لو سخره مع دابته فتلفت لم يضمنها المسخر لتلفها في يد مالكها، وفى قول يضمن نصف القيمة توزيعا على الرؤس.
ولو سلم المائة والعشرة إلى المؤجر فحملها جاهلا بالزيادة، كان قال له: مائه فصدقه ضمن المكترى القسط وأجرة الزيادة على المذهب إذ المكرى لجهله صار كالآلة بتأثير تدليس المكترى.
والطريق الثاني أنه على القولين في تعارض الغرر والمباشرة، فإن كان عالما كان وزن المؤجر وحمل، أو رأى المكترى يكيل ويحمل، أو أعلمه المكترى بحقيقة الكيل فلا أجرة للزيادة لعدم تدليس المستأجر ولا ضمان إن تلفت، وبهذا قال أحمد وأصحابه، الا أنهم اختلفوا في أجر القدر الزائد على العقد