وقال الحافظ في الفتح: إن إسناد هذا الحديث حسن ورواه الحاكم في المستدرك من حديث عائشة أنه قضى في سيل مهزور أن الاعلى يرسل إلى الأسفل ويحبس قدر الكعبين. وأعله الدارقطني بالوقف وصححه الحاكم، ورواه ابن ماجة وأبو داود من حديث ثعلبة بن أبي مالك. ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن أبي حاتم القرظي عن أبيه عن جده أنه سمع كبراءهم يذكرون أن رجلا من قريش كان له سهم في بني قريظة فخاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهزور السيل الذي يقسمون ماءه فقضى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الماء إلى الكعبين لا يحبس الاعلى الأسفل) ومهزور وادي بني قريظة بالحجاز. قال ابن الأثير:
أما مهروز بتقديم الراء على الزاي فموضع سوق المدينة.
وهذه الأحاديث تدل على أن الاعلى تستحق أرضه الشرب بالسيل والنيل وماء البئر قبل الأرض التي تحتها، وأن الاعلى يمسك الماء حتى يبلغ الكعبين أي كعبي رجل الانسان الواقعيين عند مفصل الساق والقدم ثم يرسله بعد ذلك.
وقال صاحب البحر: إن الماء إذا كان قليلا فحده أن يعم أرض الاعلى إلى الكعبين في النخيل وإلى الشراك في الزرع لقضائه صلى الله عليه وسلم بذلك في خبر عبادة بن الصامت. قال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم للزبير (اسق أرضك حتى يبلغ الجدر) فقيل: عقوبة لخصمه، وقيل: بل هو المستحق، وكان أمره صلى الله عليه وسلم بالتفضيل، فإن كانت الأرض بعضها مطمئن فلا يبلغ في بعضها الكعبين إلا وهو في المطمئن إلى الركبتين، قدم المطمئن إلى الكعبين ثم حبسه وسقى باقيها.
وقال أبو طالب: العبرة بالكفاية للأعلى.
أما حديث الزبير فقد رواه أصحاب الكتب الستة وهو عند الخمسة من رواية عبد الله بن الزبير عن أبيه وعند النسائي من رواية عبد الله بن الزبير لم يذكر فيه عن أبيه وللبخاري في رواية قال: خاصم الزبير رجلا وذكر نحوه وزاد فيه: فاستوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ للزبير حقه، وكان قبل ذلك قد أشار على الزبير برأي فيه سعة له وللأنصاري، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم استوعى للزبير حقه في صريح الحكم).