قال عروة: قال الزبير (فوالله ما أحسب هذه الآية نزلت الا في ذلك) فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) رواه أحمد كذلك لكن قال، عن عروة بن الزبير أن الزبير كان يحدث أنه خاصم رجلا وذكره جعله من مسنده وزاد البخاري في رواية. قال ابن شهاب فقدرت الأنصار والناس قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (اسق يا زبير ثم احتس الماء حتى يرجع إلى الجدر) فكان ذلك إلى الكعبين، وقد جاء هذا الحديث عند المحدثين في أبواب الأقضية وأن القاضي إذا حكم وهو غضبان صح ان صادف الحق لأنه صلى الله عليه وسلم قضى للزبير بعد أن أغضبه الرجل ولا يخفى أنه لا يصح الحاق غيره صلى الله عليه وسلم به لأنه معصوم فلا يدل حكمه صلى الله عليه وسلم وهو غضبان على جواز ذلك للقضاء، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم عن الحكم بالباطل في غضبه ورضاه بخلاف غيره، ولهذا ذهب بعض الحنابلة إلى أنه لا ينفذ الحكم في حال الغضب لثبوت النهى عنه، وسيأتي مزيد ايضاح إن شاء الله تعالى في كتاب الأقضية، وقد رواه مالك في موطئه من حديث عروة عن أبيه.
والرجل المبهم الذي خاصم الزبير هو ثعلبة بن حاطب، وقيل حميد، وقيل حاطب بن أبي بلتعة ولا يصح لأنه ليس أنصاريا، وقيل: إنه ثابت بن قيس بن شماس، وإنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم قتله بعد أن جاء في مقاله بما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم جار في الحكم لأجل القرابة لان ذلك كان في أوائل الاسلام وقد كان صلى الله عليه وسلم يتألف الناس إذ ذاك ترك قتل عبد الله بن أبي بعد أن جاء بما يسوغ به قتله.
وقال القرطبي: يحتمل انه لم يكن منافقا بل صدر منه ذلك عن غير قصد، كما اتفق لحاطب بن أبي بلتعة في قصة تخابره مع العدو ومسطح في قصة الإفك وحمنة وغيرهم ممن بدره لسانه بدرة شيطانية.
على أن الحكم في هذا الفصل يأتي هكذا: إذا كان الماء صغير المجرى بحيث يزدهم الناس فيه ويتشاحون في مائة أو سيل يتشاح الناس من أصحاب الأرض الشاربة منه فيه، فان يبدأ بمن في أول النهر فيسقي ويحبس الماء حتى يبلغ إلى