وإن كان بيعها لا يجوز من غير الضرورة، فعلى هذا يتقدر الحمى بزمان الضرورة، ولا يستديم بخلاف حمى الامام.
(والوجه الثاني) لا يجوز أن يحمى لأنه ليس له أن يرفع الضرر عن أموال الفقراء بإدخال الضرر على الأغنياء، ويكون الضرر إن كان بالفريقين معا، وهذا أصح الوجهين كما أفاده الماوردي في الحاوي الكبير.
(فرع) إذا حمى الامام مواتا وصححناه وقلنا: إنه كحمى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحياه رجل من عامة المسلمين فهل يملك بإحيائه أم لا؟ قال الماوردي تبعا للشيخ أبي إسحاق: فيه قولان.
أحدهما: لا يملك المحي ما أحياه من حمى الامام كما لا يملك حمى النبي صلى الله عليه وسلم لان كليهما حمى محرم.
والقول الثاني: يملك بالاحياء، وان منع منه لان حمى الامام اجتهاد وملك الموات بالاحياء نص، والنص أثبت حكما من الاجتهاد والله تعالى أعلم.
قال المصنف رحمه الله:
باب حكم المياه الماء اثنان، مباح وغير مباح، فأما غير المباح فهو ما ينبع في أرض مملوكة، فصاحب الأرض أحق به من غيره، لأنه على المنصوص: يملكه، وعلى قول أبي إسحاق: لا يملكه، إلا أنه لا يجوز لغيره أن يدخل إلى ملكه بغير إذنه، فكان أحق به، وإن فضل عن حاجته واحتاج إليه الماشية للكلأ لزمه بدله من غير عوض. وقال أبو عبيد بن حرب: لا يلزمه بذله كما لا يلزمه بذل الكلأ للماشية ولا بذل الدلو والحبل ليستقى به الماء للماشية، والمذهب الأول لما روى إياس بن عمرو (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع فضل الماء).
وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من منع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ منعه الله فضل رحمته) ويخالف الكلأ فإنه لا يستخلف عقيب أخذه، وربما احتاج إليه لماشيته قبل أن يستخلف فتهلك ماشيته