الطهارة فلا حرج بشرط لا ينتهى إلى الوسواس الذي ينكد عيشه ويكدر عليه وظائف العبادات فان المنتهي إلى ذلك خارج عن مسالك السلف الصالحين قال والوسوسة مصدرها الجهل بمسالك الشريعة أو نقصان في غريزة العقل * القسم الثاني ما استوى في طهارته ونجاسته التقدير ان فيجوز الاخذ بطهارته ولو تركه الانسان كان محتاطا: الثالث ما يغلب على الظن نجاسته ففيه قولان للشافعي أحدهما طهارته والثاني نجاسته (قلت) هذا الذي أطلقه من القولين ليس على اطلاقه بل هو على ما سبق تفصيله والله أعلم * (فرع) اعلم أن للشيخ أبي محمد الجويني رحمه الله كتاب التبصرة في الوسوسة وهو كتاب نافع كثير النفائس وسأنقل منه مقاصده إن شاء الله تعالى في مواضعها من هذا الكتاب: واشتد انكار الشيخ أبي محمد في كتابه هذا على من لا يلبس ثوبا جديدا حتى يغسله لما يقع ممن يعاني قصر الثياب وتجفيفها وطيها من التساهل والقائها وهي رطبة على الأرض النجسة ومباشرتها لها يغلب على القلب نجاسته ولا يغسل بعد ذلك قال وهذه طريقة الحرورية الخوارج ابتلوا بالغلو في غير موضعه وبالتساهل في موضع الاحتياط قال ومن سلك ذلك فكأنه يعترض على أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وسائر المسلمين فإنهم كانوا يلبسون الثياب الجديدة قبل غسلها وحال الثياب في ذلك في أعصارهم كحالها في عصرنا بلا شك ثم قال أرأيت لو أمرت بغسلها أكنت تأمن في غسلها ان يصيبها مثل هذه النجاسة المتوهمة فان قلت إنا اغسلها بنفسي فهل سمعت في ذلك خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من الصحابة انهم وجهوا على الانسان على سبيل الايجاب أو الندب والاحتياط غسل ثوبه بنفسه احترازا من أوهام النجاسة * (فرع) قال أبو محمد في التبصرة نبغ قوم يغسلون أفواههم إذا أكلوا خبزا ويقولون الحنطة تداس بالبقر وهي تبول وتروث في المداسة أياما طويلة ولا يكاد يخلو طحين ذلك عن نجاسته قال وهذا مذهب أهل الغلو والخروج عن عادة السلف فانا نعلم أن الناس في الأعصار
(٢٠٧)