حكي أبو إسحاق أن الشافعي قال في بعض كتبه انه شاهد القرب وأن القربة تسع مائة رطل وقال امام الحرمين ظاهر كلام الشافعي أن القربة تسع مائة رطل هذا حد القلة في الشرع: وأما في اللغة فقال الأزهري هي شبه جب يسع جرارا سميت قلة لان الرجل القوى يقلها أي يحملها:
وكل شئ حملته فقد أقللته: قال والقلال مختلفة بالقرى العربية: وقلال هجر من أكبرها: وقول المصنف روى في الخبر بقلال هجر يعني الخبر المذكور إذا كان الماء قلتين بقلال هجر لم يحمل خبثا هكذا رواه بهذه الزيادة الشافعي في الأم ومختصر المزني وكذا رواه البيهقي في السنن الكبير: وهجر هذه بفتح الهاء والجيم وهي قرية بقرب المدينة وليست هجر البحرين: وقد أوضحت حال هجر هذه وتلك في تهذيب الأسماء واللغات: وقال جماعة من أصحابنا كان ابتداء عمل هذه القلال بهجر فنسبت إليها ثم عملت في المدينة فبقيت النسبة على ما كانت كما يقال ثياب مروزية وإن كانت تعمل ببغداد: قال الخطابي قلال هجر مشهورة الصنعة معلومة المقدار لا تختلف كما لا تختلف المكاييل والصيعان المنسوبة إلى البلدان: قال وقلال هجر أكبرها وأشهرها لان الحد لا يقع بالمجهول: وقال الشيخ أبو حامد في تعليقه قال أبو إسحاق إبراهيم بن جابر صاحب الخلاف سألت قوما من ثقات هجر فذكروا أن القلال بها لا تختلف: وقالوا قايسنا قلتين فوجدناهما خمسمائة رطل: وأما قوله فرأيت القلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا فهو شك من ابن جريج في قدر كل قلة هذا هو الصواب: وأما قول الشيخ أبي عمرو بن الصلاح رحمه الله يحتمل قوله أو قربتين وشيئا التقسيم ويحتمل الشك فليس كذلك لأنه يقتضي كون القلة مجهولة القدر لاختلافها وحينئذ لا يحصل تقدير فالصواب انه للشك: وقد صرح به أصحابنا وغيرهم ممن صرح به صاحب الحاوي وامام الحرمين والغزالي وخلائق وهو موافق لما سبق عن الخطابي وعن نقل الشيخ أبي حامد عن ابن جابر أن هذه القلال متساوية وكذا اتفق عليه أصحابنا وجعلوا هذا جوابا عن اعتراض أصحاب أبي حنيفة: