عباس وحاضروها وكيف يصل هذا إلى أهل الكوفة ويجهله أهل مكة: وقد روى البيهقي هذا عن ابن عباس من أوجه كلها ضعيفة لا يلتفت إليها: الثاني لو صح لحمل على أن دمه غلب على الماء فغيره: الثالث فعله استحبابا وتنظفا فان النفس تعافه والمشهور عن ابن عباس أن الماء لا يتنجس الا بالتغير كما نقله ابن المنذر وغيره وقد سبق بيانه: وأما قياسهم على المائع فجوابه من أوجه أحدها أنه قياس يخالف السنة فلا يلتفت إليه: (الثاني) أنه لا يشق حفظ المائع وان كثر بل العادة حفظه وقد سبق بيان هذا: (الثالث) أن للماء قوة في دفع النجس بالاجماع وهو إذا كان بحيث لا يتحرك طرفه الآخر بخلاف المائع: (الرابع) للماء قوة رفع الحدث فكذا له دفع النجس بخلاف المائع: وأما قياسهم على الماء القليل فجوابه ظاهر مما ذكرناه: قال أصحابنا اعتبروا حدا واعتبرنا حدا وحدنا ما حده رسول الله صلى الله عليه الذي أوجب الله تعالى طاعته وحرم مخالفته: وحدهم مخالف حده صلى الله عليه وسلم مع أنه حد بما لا أصل له وهو أيضا حد لا ضبط فيه فإنه يختلف بضيق موضع الماء وسعته وقد يضيق موضع الماء الكثير لعمقه ويتسع موضع القليل لعدم عمقه فهذا ما يتعلق بالخلاف بيننا وبين أبي حنيفة رحمه الله * وأما مالك وموافقوه فاحتج لهم بقوله صلى الله عليه وسلم الماء طهور لا ينجسه شئ وهو حديث صحيح كما سبق وبالقياس على القلتين وعلى ما إذا ورد الماء على النجاسة: واحتج أصحابنا عليهم بحديث القلتين وقد وافقنا مالك رحمه الله على القول بدليل الخطاب وبحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها فإنه لا يدرى أين باتت يده رواه البخاري ومسلم فنهاه صلى الله عليه وسلم عن غمس يده وعلله بخشية النجاسة ويعلم بالضرورة أن النجاسة التي قد تكون على يده وتخفى عليه لا تغير الماء فلولا تنجيسه بحلول نجاسة لم تغيره لم ينهه: وبحديث أبي هريرة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا رواه البخاري ومسلم: وفي رواية لمسلم " فليرقه ثم ليغسله سبع مرات " فالامر بالإراقة والغسل دليل النجاسة: وبحديث أبي قتادة رضي الله عنه أنه كان يتوضأ فجاءت هرة
(١١٧)