أن الوضوء وان فرق أفعاله عبادة واحدة يرتبط ببعض ولهذا لو أراد مس المصحف بوجهه المغسول قبل غسل باقي الأعضاء لا يجوز فلتشملها نية واحدة بخلاف الأفعال فإنها لا تأتي الا متفرقة والله أعلم * (الثالثة) أهلية النية شرط لصحة الطهارة فلا يصح وضوء مجنون وصبي لا يميز وأما الصبي المميز فيصح وضوءه وغسله كما سنوضحه إن شاء الله تعالى في المسألة السادسة: وأما الكافر الأعلى إذا تطهر ثم أسلم ففيه أربعة أوجه الصحيح المنصوص لا يصح منه وضوء ولا غسل لأنه ليس من أهل النية: والثاني يصح غسله دون تيممه ووضوءه حكاه المصنف في باب الغسل وحكاه آخرون وقال امام الحرمين هذا الوجه هو قول أبي بكر الفارسي قال وهو غلط صريح متروك عليه قال وليس من الرأي أن تحسب غلطات الرجال من متن المذهب: والوجه الثالث يصح منه الغسل والوضوء دون التيمم حكاه صاحب الحاوي وغيره: والرابع يصح من كل كافر كل طهارة من غسل ووضوء وتيمم حكاه امام الحرمين وغيره وهو ضعيف جدا: وأما المرتد فقال الرافعي قطع الأصحاب بأنه لا يصح منه غسل ولا غيره ولو أنقطع حيض مرتدة فاغتسلت ثم أسلمت لم يحل الوطئ الا بغسل جديد بلا خلاف كذا قالوه وهذا الذي ادعاه الرافعي من الاتفاق ليس متفقا عليه بل ذكر جماعة الخلاف في المرتد فقال صاحب الحاوي في هذا الباب في صحة غسل المرتد وجهان وقال امام الحرمين في باب الغسل حكي المحاملي في كتاب القولين والوجهين وجها انه يصح من كل كافر كل طهارة غسلا كان أو وضوءا أو تيمما قال وهذا في نهاية الضعف فقوله كل كافر يدخل فيه المرتد هذا تفصيل مذهبنا * وقال أبو حنيفة إذا توضأ الكافر صح وضوءه فيصلى به إذا أسلم ووافقنا مالك واحمد وداود والجمهور على أنه لا يصح وضوءه والله أعلم * وأما الكتابية تحت المسلم فإذا انقطع حيضها أو نفاسها لم يحل له الوطئ حتى تغتسل فإذا اغتسلت حل الوطئ للضرورة وهذا لا خلاف فيه فإذا أسلمت هل يلزمها إعادة ذلك الغسل فيه وجهان أصحهما عند الجمهور وجوبها: ممن صححه الفوراني والمتولي وصاحب العدة والروياني والرافعي وغيهم وصحح امام الحرمين عدم الوجوب قال لان الشافعي رحمه الله نص ان الكافر إذا لزمه كفارة فأداها ثم أسلم لا يلزمه الإعادة قال ولعل الفرق بينهما ان الكفارة يتعلق مصرفها بالآدمي فتشبه الديون بخلاف الغسل قال المتولي ولا يحل للزوج الوطئ الا إذا اغتسلت بنية استباحة الاستمتاع كما لو ظاهر كافر
(٣٣٠)