جملة: وأما الهرة فاستدل أصحاب أبي حنيفة رحمة الله لكراهة سؤرها بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يغسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا ومن ولوغ الهرة مرة ولأنها لا تجتنب النجاسة فكره سؤرها: واحتج أصحابنا بحديث أبي قتادة وحديث عائشة وغير ذلك مما قدمناه واضحا: ولأنه حيوان يجوز اقتناؤه لغير حاجة فكان سؤره طاهرا غير مكروه كالشاة: وأما الجواب عن حديث أبي هريرة فهو ان قوله من ولوغ الهرة مرة ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هو مدرج في الحديث من كلام أبي هريرة موقوفا عليه كذا قاله الحفاظ وقد بين البيهقي وغيره ذلك ونقلوا دلائله وكلام الحفاظ فيه قال البيهقي وروى عن أبي صالح عن أبي هريرة يغسل الإناء من الهرة كما يغسل من الكلب وليس بمحفوظ * وعن عطاء عن أبي هريرة وهو خطأ من ليث بن أبي سليم إنما رواه ابن جريج وغيره عن عطاء من قوله قال وروى عن ابن عمر كراهة الوضوء بفضل الهرة قال الشافعي رحمه الله الهرة ليست بنجس فنتوضأ بفضلها ونكتفي بالخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يكون في أحد قال خلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم حجة: قال أصحابنا ولو صح حديث أبي هريرة لم يكن فيه دليل لأنه متروك الظاهر بالاتفاق فان ظاهره يقتضي وجوب غسل الإناء من ولوغ الهرة ولا يجب ذلك بالاجماع: قال البيهقي وزعم الطحاوي أن حديث أبي هريرة صحيح ولم يعلم أن الثقة من أصحابه ميزه من الحديث وجعله من قول أبي هريرة: وأما قولهم لا تجتنب النجاسة فمنتقض باليهودي وشارب الخمر فإنه لا يكره سؤرهما والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * (وان ورد على ماء فأخبره رجل بنجاسته لم يقبل حتى يبين بأي شئ نجس لجواز أن يكون رأى سبعا ولغ فيه فاعتقد أنه نجس بذلك فان بين النجاسة قبل منه كما يقبل ممن يخبره بالقبلة ويقبل في ذلك قول الرجل والمرأة والحر والعبد لان أخبارهم مقبولة ويقبل قول الأعمى لان له طريقا إلى العلم بالحس والخبر ولا يقبل فيه قول صبي وفاسق وكافر لان
(١٧٥)