مجموع الماء الذي في هذا النهر يزيد على قلتين والمشهور في المذهب والذي عليه الجمهور انه لا فرق بين الجاري والراكد: وكذا نقله الرافعي عن الجمهور: وأما ما ذكره من وضوء الأولين فلم يثبت أنهم كانوا يتوضؤن تحت المستنجين ولا انهم كانوا يستنجون في نفس الماء: وقوله الجرية هي بكسر الجيم وهي الدفعة التي بين حافتي النهر في العرض هكذا فسرها أصحابنا: وأما قوله فإن كان الذي يحيط بها قلتين فهو طاهر فكذا صرح به الأصحاب وله أن يتطهر من أي موضع أراد ولو من نفس النجاسة ولا يجتنب شيئا هذا هو المذهب: وقيل يجئ الخلاف في التباعد حكاه امام الحرمين عن بعض الأصحاب: وحكاه الغزالي والبغوي وغيرهم: قال الامام وقال الأكثرون لا يجئ ذلك الخلاف لان جريان الماء يمنع انتشار النجاسة: ثم اختار الامام والغزالي في البسيط والوسيط انه يجب اجتناب حريم النجاسة في الجاري وهو ما ينسب إليها: وقد سبق أن الغزالي في الوسيط أوجب اجتناب حريم الراكد أيضا: ففرق في البسيط بين الحريمين فأوجب اجتنابه في الجاري دون الراكد وكذا فرق شيخه قال لان الراكد لا حركة له حتى ينفصل البعض عن البعض في الحكم: والمذهب المشهور الذي قطع به الجمهور انه لا يجب اجتناب الحريم لا في الجاري ولا في الراكد: وكذا نقله الرافعي عن الجمهور وجعله المذهب والله أعلم: وإذا كانت الجرية التي فيها النجاسة دون قلتين وقلنا إنها نجسة فقال البغوي محل النجاسة من الماء والنهر نجس:
والجرية التي تعقبها تغسل المحل فهي في حكم غسالة النجاسة حتى لو كانت نجاسة كلب فلا بد من سبع جريات عليها: وقوله في النجاسة الواقفة إن كان ما يجرى عليها قلتين فطاهر يعنى إن كانت الجرية قلتين وكذا كل جرية هي قلتان لا تغير فيها فهي طاهرة: وقوله إن كان دونه فنجس يعنى على الصحيح الجديد: وأما على القديم أن الجاري لا ينجس الا بالتغير فهو طاهر: وقوله ولا يطهر شئ من ذلك حتى يركد في موضع فيبلغ قلتين وقال أبو إسحاق وابن القاص إلى قوله والأول أصح هذا الذي صححه هو الذي صححه أصحابنا المصنفون وهو قال أكثر المتقدمين وعلى هذا