ووجه ذلك أن تراد الماء يوجب تساوى أجزائه في النجاسة فالقريب والبعيد سواء والله أعلم:
وأما المسألة الثالثة وهي إذا كان الماء قلتين فقط وفيه نجاسة جامدة ففي جواز استعماله الوجهان اللذان ذكرهما المصنف واتفق المصنفون على أن الأصح الجواز كما ذكره المصنف ودليله ما ذكره:
والثاني لا يجوز حكاه المصنف والأصحاب عن أبي إسحاق: وحكاه البندنيجي عنه وعن ابن سريج: ثم إن استعمال هذا الماء يحتاج إلى فقه وهو أنه ان أراد استعمال ما يغرفه بدلو مثلا فينبغي أن يغمس الدلو في الماء غمسة واحدة ولا يغترف فيه النجاسة ثم يرفعه فيكون باطن الدلو وما فيه من الماء طاهرا ويكون ظاهر الدلو والباقي بعد المغروف نجسا: أما نجاسة الباقي فلان فيه نجاسة وقد نقص عن قلتين: وأما نجاسة ظاهر الدلو فلملاصقة الماء النجس وهو الباقي بعد المغروف وإنما حكمنا بطهارة ما في الدلو لأنه انفصل عن الباقي قبل أن ينقص عن قلتين وإنما نقص بعد انفصال المأخوذ فلو خالف وأدخل الماء في الدلو شيئا فشيئا فالجميع نجس بلا خلاف لأنه حين دخل أول شئ في الدلو نقص الباقي عن قلتين فصار نجسا فإذا نزلت الدفعة الثانية في الدلو وهي نجسة تنجس ما في الدلو فصار الجميع نجسا: فطريقه بعد هذا إلى طهارته أن يصبه في الباقي أو يغمسه غمسة واحدة حتى يغمره الماء ويمكث لحظة وهو واسع الرأس فيطهر الجميع فإذا فصل الدلو كان باطنه وما فيه طاهرا ويكون الباقي وظاهر الدلو نجسا لما سبق: أما إذا أراد استعمال ما يبقى بعد الغرف فينظر ان أخذها وخدها في الدلو فالباقي قلتان فهو طاهر بلا خلاف وأبو اسحق يوافق على هذا لأنه قلتان وليس فيه نجاسة: وان أخذ النجاسة مع شئ من الماء فان أخذه دفعة واحدة فباطن الدلو وما فيه نجس وظاهره وما بقي طاهر: أما نجاسة باطن الدلو وما فيه فلكونه ماء يسيرا فيه نجاسة: وأما طهارة الباقي فلانفصال النجاسة عنه قبل نقصه عن قلتين فبقي على طهارته: قال أصحابنا فان قطر من الدلو إلى الماء الباقي قطرة نظر إن كانت من ظاهر الدلو فالباقي على طهارته لان ظاهر الدلو طاهر: وإن كانت من باطنه