المطالبة في نفوذه بقطع النظر عما في ذيلها وهو قوله تعالى: (حتى يسمع كلام الله) إلا أنه مع ملاحظته لا ظهور لها في ذلك، حيث إن الذيل قرينة على أن الغرض من إجارة الكافر المحارب هو أن يسمع كلام الله، فإن احتمل سماعه جازت اجارته وكانت نافذة وإن لم تكن مسبوقة بالطلب، ثم إن المعروف بين الأصحاب أن حق الأمان الثابت لآحاد من المسلمين محدود إلى عشرة رؤوس من الكفار وما دونهم، فلا يحق لهم أن يعطوا الأمان لأكثر من هذا العدد.
ولكن لا دليل على هذا التحديد، فالظاهر أن لواحد من المسلمين أن يعطي الأمان لأكثر من العدد المزبور لاجل المناظرة في طلب الحق، وقد ورد في معتبرة مسعدة بن صدقة أنه يجوز لواحد من المسلمين إعطاء الأمان لحصن من حصونهم. (1) (مسألة 28): لو طلب الكفار الأمان من آحاد المسلمين، وهم لم يقبلوه، ولكنهم ظنوا أنهم قبلوا ذلك، فنزلوا عليهم، كانوا آمنين، فلا يجوز للمسلمين أن يقتلوهم أو يسترقوهم، بل يردونهم إلى مأمنهم، وقد دلت على ذلك معتبرة محمد بن الحكيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لو أن قوما حاصروا مدينة فسألوهم الأمان فقالوا: لا، فظنوا أنهم قالوا: نعم، فنزلوا إليهم كانوا آمنين ". (2) وكذا الحال إذا دخل المشرك دار الاسلام بتخيل الأمان بجهة من الجهات.
(مسألة 29): لا يكون أمان المجنون والمكره والسكران وما شاكلهم نافذا، وأما أمان الصبي المراهق فهل يكون نافذا؟ فيه وجهان: الظاهر عدم نفوذه،