[المسألة الثامنة:] قد مر في ما تقدم أن الوصية تقع على ضروب كثيرة، أشرنا إلى بعضها في المسألة الثانية، ولم نذكر الباقي لأن مقاصد الموصي وأنحاء الايصاء يعسر ضبطها في عدد معين، فهي تعم كل ناحية مباحة تتعلق بالموصي في نفسه ماله، أو حقوقه وجميع شؤونه التي يمكن له التصرف فيها، وهي على وجه العموم تكون على قسمين: تمليكية وعهدية.
ويراد بالوصية التمليكية: أن يجعل الموصي شيئا من تركته أو من منافع أمواله أو من حقوقه القابلة للنقل، ملكا لشخص معين أو لأشخاص معينين، أو لعنوان معين ذي أفراد كالفقراء وطلاب العلم، أو لجهة معينة كمسجد أو مشهد أو حسينية، أو مستشفى أو ميتم أو مدرسة أو ملجأ، وشبه ذلك، فهي وصية بالملك أو بالاختصاص.
ويراد بالوصية العهدية: أن يلزم الموصي وصية أو وارثه أو غيرهما بفعل أو بشئ يتعلق به أو بماله أو بشئ من شؤونه، فيأمر بتجهيزه بعد الموت على وجه يريده مثلا، أو يأمر بدفنه في مكان خاص أو عام، أو يعهد بأن يستناب عنه من بعده من يقوم له ببعض الواجبات عليه، أو ببعض الأعمال المندوبة، أو بأن يعتق عبده أو توقف داره أو تباع أرضه، أو يعين شخصا يوكل إليه التصرف في ثلثه وتطبيق وصاياه، أو يجعله وليا على يتاماه، وما يشبه ذلك من التصرفات التي تهمه.
[المسألة التاسعة:] الأقوى أنه لا يعتبر القبول في صحة الوصية سواء كانت عهدية أم تمليكية، وسواء كانت تمليكا لشخص أو أشخاص معينين، أم تمليكا لنوع ذي أفراد، كما إذا أوصى بداره للفقراء أو لطلاب العلم أو لذرية الرسول صلى الله عليه وآله، فإذا أنشأ الموصي وصيته على الوجه المطلوب صحت ونفذت، وإن لم يحصل القبول من الشخص أو الأشخاص الذين أوصى لهم بالملك أو بالاختصاص، أو من ولي النوع الموصى له، فالوصية من الايقاعات لا من العقود على الأقوى.