يقبض ما يدفعه إليه من ذلك، غير أنه يستحب للدائن أن يترفع عن ذلك ويتنزه، فلا يكون سببا لبيع المدين داره وإن كان البيع برضاه، وقد تستفاد كراهة ذلك من خبر عثمان بن زياد عن أبي عبد الله (ع).
[المسألة 23:] إذا حل موعد الدين وطالب به صاحبه، وعرض المدين عقاره وأمتعته الموجودة لديه - مما يزيد على المستثنيات - ليبيعها في وفاء دينه، فوجد أنها لا تباع إلا بأقل من أثمانها، وجب عليه بيعها، ولم يجز له الانتظار حتى ترتفع القيمة أو يوجد الراغب. وإذا كان التفاوت في القيمة كثيرا يكون البيع معه تضييعا للمال واتلافا له في نظر العقلاء، فلا يبعد عدم وجوب البيع في هذه الصورة، وخصوصا إذا لزم منه الضرر أو الحرج على المدين.
[المسألة 24:] يحرم على المدين أن يماطل صاحب الدين في قضاء دينه مع قدرته على الوفاء، وقد عد في بعض النصوص المعتمدة حبس الحقوق الواجبة من غير اعسار من المعاصي الكبيرة، وقد أشرنا إلى ذلك في تعداد الكبائر من بحث صلاة الجماعة، وعن النبي صلى الله عليه وآله: (من مطل على ذي حق حقه وهو يقدر على أداء حقه فعليه كل يوم خطيئة عشار)، وإذا أعسر المدين ولم يقدر على الوفاء وجبت عليه نية القضاء بأن يعزم في نفسه أنه يؤدي الدين متى قدر على وفائه، وإذا تجددت له الاستطاعة وجب عليه القضاء ولم تجز له المماطلة.
[المسألة 25:] تكثرت الأدلة على وجوب انظار المدين إذا ثبت اعساره، وفي الآية الكريمة: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة)، وعن الإمام أبي عبد الله (ع): (إياكم واعسار أحد من إخوانكم المسلمين أن تعسروه بشئ يكون لكم قبله وهو معسر، فإن أبانا رسول الله صلى الله عليه وآله كأن يقول:
ليس للمسلم أن يعسر مسلما، ومن أنظر معسرا أظله الله يوم القيامة لظله يوم لا ظل إلا ظله)، وقد تنوعت الأدلة في التعبير عن ذلك.