ويجوز له أن يشترط على الموهوب له أن يبرئه من دين له في ذمته، أو يسقط له حقا ثبت له عليه، فيقول له وهبتك هذا المتاع بشرط أن تبرئ ذمتي من دينك الذي تستحقه علي، أو من نصفه، أو بشرط أن تؤجلني به إلى سنة، أو يقول له بشرط أن تسقط خيارك في الدار التي اشتريتها منك، فيكون مضمون العقد هبة مشروطة بابراء ذمة أو باسقاط حق، فإذا قبل الموهوب له العقد وأبرأ ذمة المواهب من الدين أو أجله فيه أو أسقط له الخيار فقد وفى له بما اشترط ودفع له عوض الهبة.
ويصح له أن يشترط على الموهوب له أن يعمل له عملا فيبني له داره أو يقوم له بعمل خاص، فيقول له: وهبتك هذا الشئ بشرط أن تتجر لي في بضاعتي مدة شهر، أو بشرط أن تدافع عني في مرافعتي مع فلان، فيكون مضمون العقد هبة مشروطة بعمل، فإذا قبل الموهوب له العقد وقام للواهب بالعمل الذي طلب منه فقد وفى بالشرط ودفع إليه العوض. وهكذا.
[المسألة 38:] إذا وهب رجل امرأة دارا له أو عقارا، واشترط على المرأة في عقد الهبة أن تزوجه نفسها وقبلت المرأة الهبة منه والشرط، وقبضت المال الموهوب على ذلك، لزم عليها أن تفي للواهب بالشرط سواء كان قد عين لها مقدار الصداق في اشتراطه التزويج بها أم ترك الخيار لها في تقديره، فقال لها - مثلا - وهبتك الدار المعينة، بشرط أن تزوجيني نفسك على صداق قدره ألف دينار، أو قال بشرط أن تزوجيني نفسك على ما تعينين من الصداق.
فإذا قبلت بذلك وقبضت الدار الموهوبة، صحت الهبة وصح الشرط، وكان مضمون العقد هبة في مقابلة عقد نكاح، فإذا هي زوجته نفسها، فقد دفعت إليه عوض الهبة الذي اشترطه عليها، فلا يحق للرجل أن يرجع في هبته إياها، ويجوز للمرأة أن ترد الهبة على الرجل فلا يجب عليها دفع العوض المشترط كما ذكرنا مرارا، وإذا هي لم ترد الهبة على الرجل ولم تزوجه نفسها جاز للرجل أن يرجع في هبته.