عنها في هذا الكتاب والتي تذكر فيه أحكامها تخالف الصدقة في المعنى والفرق بين المعنيين واضح لا ينبغي أن يخفى.
فالصدقة في واقع أمرها احسان من المعطي إلى الفقير على وجه القربة، فقد تكون احسانا إليه بتمليك المال له ومواساته به وقد تكون احسانا إليه بصرف المال عليه باطعام أو اكساء أو اسكان أو شبه ذلك من غير تمليك، وقد تكون احسانا إليه بابراء ذمته من دين أو حق، وكلها اعطاء واحسان ومواساة تختلف في لب معناها المقصود عن نوع الاعطاء ونوع الاحسان ونوع المواساة في الهبة.
والهبات التي يتقرب بها إلى الله سبحانه ويقصد بها وجهه الكريم كثيرة، وهي متفاوتة في الفضل وتحصيل الزلفى لديه.
فالهبة للأبوين والهدية لهما من أفضل ما يتقرب به الوالد إلى الله ويقصد به وجهه، فهي صلة لهما ومن أجلى مظاهر البر والرحمة بهما والاحسان إليهما، وقد تواترت الأدلة في فضل ذلك والأمر به والحث الشديد عليه، وخصوصها البر بالأم وصلتها والاحسان إليها.
وكذلك الهبة للأولاد: البنين والبنات، فقد تكثرت الأدلة وتنوعت في الدلالة على الرأفة بهم، والرفق بهم في شؤونهم، والاحسان إليهم ولا سيما الضعفاء والمحتاجون منهم.
وصلة الأرحام والبر بهم والتكريم لهم والقيام بتسديد حوائجهم واعوازهم، فهي من كبير ما يتقرب به العبد إلى الله، وعظيم ما يوجب الزلفة عنده، والأدلة على ذلك كثيرة وفيرة.
وفي أحاديث العترة الطاهرة من أهل البيت عليهم السلام: إن صلة الرحم أعجل الطاعات ثوابا، ومعنى ذلك أن من وصل رحمه ينال ثواب صلته في الدنيا قبل الآخرة، كما أن قطيعة الرحم من أعجل الخطيئات عقوبة.
فقد ورد عن الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام عن كتاب علي عليه السلام: إن أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم، وإن القوم ليكونون فجارا، فيتواصلون فتنمى أموالهم ويثرون، وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم ليذران الديار بلاقع من أهلها.