كما ذكرنا أكثر من مرة، وهاهنا صور تختلف أحكامها بعد ذلك من حيث لزوم الهبة وعدم لزومها.
(الصورة الأولى): أن يكون الموهوب له من أرحام الواهب وذوي قرباه: أبا أو أما له، أو ولدا، أو أخا، أو قريبا له، والحكم في هذه الصورة أن تكون الهبة له لازمة من جهة الواهب، فلا يجوز له بعد العقد والقبض أن يرجع في هبته ويسترد المال الموهوب من قريبه.
ويشمل الحكم المذكور من كان بعيدا في قرابته إذا كان ممن يعد رحما للواهب في نظر أهل العرف كابن ابن العم وابن ابن الخال، فضلا عن جد الجد أو جد الأب، وابن ابن الأخ أو الأخت، فالرحم شامل لهم جميعا سواء كان الرحم كبيرا أم صغيرا ومسلما أم كافرا، وذكرا أم أنثى.
ولا يشمل الحكم المذكور من يتصل بالواهب بالمصاهرة كأبي الزوجة وأمها وأخيها، وكأبي الزوج وأمه وأخيه.
[المسألة 23:] إذا وهب الرجل زوجته شيئا من المال أو وهبت المرأة زوجها لم يشملهما الحكم المذكور فيجوز للواهب منهما أن يرجع في هبته للآخر على كراهة، إلا إذا كانا من الأرحام، فلا يجوز للواهب الرجوع.
[المسألة 24:] (الصورة الثانية): أن تكون الهبة معوضا عنها، سواء كان العوض الذي دفعه الموهوب له كثيرا أم قليلا، وسواء اشترط عليه في الهبة أن يعوض عنها بشئ أم لم يشترط عليه ذلك ولكنه أثاب الواهب على هبته فدفع له عوضا عنها. والحكم في هذه الصورة أن تكون الهبة لازمة من جهة الواهب كذلك، فلا يجوز له الرجوع في الهبة.
ويعتبر في الفرض الأخير من هذه الصورة - وهو ما يدفع فيه الموهوب له إلى الواهب عوضا من غير شرط - أن يكون ما يدفعه بقصد التعويض عن الهبة، فلا يكفي ما يدفعه إلى الواهب بدون قصد التعويض،